Irshad
الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي
وأما معرفة الداء
فهو أن تعرف أيها الطالب للنجاة جميع الذنوب والسيئات، وتميزها عن غيرها من الطاعات والمباحات والمكروهات، فإن الأدواء الدوية المزمنة، والأمراض المهلكة الموهية هي الذنوب، والمعاصي الجامعة بين الأقدام والنواصي، قال تعالى في صفة المنافقين: {في قلوبهم مرض}(1) يعني معصية وذنب، وهما الشك والريب.فبين تعالى أن الذنوب هي الأمراض والآفات، والأدواء والعاهات.
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: (ألا أخبركم بدائكم من دوائكم؟قالوا: بلى يا رسول الله قال: داؤكم الذنوب، ودواؤكم الاستغفار)(2) فبين عليه السلام أن الأدواء الحقيقية هي المعاصي والذنوب، وإن الأنكحة الأخروية إنما ترد بهذا الضرب من العاهات والعيوب لاما يكون في أحكام الدنيا عيبا، فإن ذلك لا يزيد من الله إلا قربا.
وعلى هذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (عظم الجزاء على عظم البلاء إذا أحب الله قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضاء، ومن سخط فله السخط).
ولما اشتدت بأيوب عليه السلام البلوى قالت له زوجته: يا أيوب إلا تدع الله فيكشف عنك فقال: قد أتى على في الرخاء سبعون سنة فدعيني حتى يأتي على في البلاء سبعون سنة ليكون الشكر لله، ثم ندعو الله بالعافية. وقال تعالى: {إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب}(3)
وعن وهب "ليس بفقيه من لم يعد البلاء نعمة، والرخاء مصيبة) وعنه: أنه قرأ في بعض الكتب كتب الحواريين إذا سلك بك سبيل البلاء فقر عيعينك فإنه سلك بك سبيل الأنبياء والصالحين، وإذا سلك بك سبيل الرخاء فابك على نفسك، فقد خولف بك عن سبيله).
نعم فبان لك أن الأدواء والعاهات إنما هي الذنوب والسيئات.
وروى أن عثمان دخل على عبد الله بن مسعود وهو شاك، فقال له ما تشتكي ؟ قال: ذنوبي. قال: فما تشتهي ؟ قال: المغفرة .
Halaman 313