232

Irshad

الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي

Genre-genre

Tasawuf
المعرفة الثانية أنه محدث مخلوق

وبيانه: أن هذا القرآن هو هذا المتلو في المحاريب، المعروف بين المسلمين ؛ فإن ذلك معروف من ضرورة الدين، ولهذا أشار إليه رب العالمين في آي كثيرة، نحو قوله تعالى: {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه} وقوله: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل} وقوله: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون}.

ولا إشكال في حدوث هذا المشار إليه، وكونه مخلوقا، بمعنى أنه مصور مرتب على مقدار معلوم يوافق المصلحة، فإن كل حرف منه يتقدم على غيره بوقت واحد، فهو مرتب منظوم، وكل ما كان كذلك فهو محدث ؛ لأن القديم لا يتقدمه شئ ولا له بعض ولا كل، ولا أول ولا آخر، ولو كان مكذوبا لكان الله كاذبا، وقد ثبت أنه عدل حكيم.وقد قال تعالى: {وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون} والذكر: القرآن لقوله تعالى: {وانه لذكر لك ولقومك} فوصفه في الآية أنه مسموع، وأنه ذكر، وأنه يأتي من الله تعالى، وكل ذلك من صفات المحدث لا القديم.

وعن أبي بن كعب قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاتحة الكتاب فقال: (والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في القرآن مثلها، وهي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي مقسومة بين الله وبين عبده، ولعبده ما سأله. ولا يجوز أن يقال: ما أنزل الله مثل ما ليس بمنزل.

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم (لم تنزل بسم الله الرحمن الرحيم على أحد قبلي إلا على سليمان عليه السلام ).

والقديم لا يوصف بالنزول ؛ فإذا القرآن محدث.

وبمعرفة هذا الركن فارقت الأشعرية، والحنبلية والكرامية، والمطرفية، والجاهلية، بحمد الله ومنه.

Halaman 236