211

Irshad

الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي

Genre-genre

Tasawuf
المعرفة الثانية: أن العالم له محدث وهو الله تعالى.

وبيانها: أن العالم لا يخلو إما أن يحدث بنفسه أو بغيره، ومحال أن يحدث نفسه ؛ لأنه لم يكن بالحدوث في حال أولى من حال ؛ ولأنه يؤدي إلى أن يكون الشي ء متقدما على نفسه، أو محتاجا في ثبوته إلى نفسه، وهو غير معقول، وإذا حدث بغيره فلا يخلو ذلك الغير إما أن يكون فاعلا مختارا، أو موجبا عن علة، أو طبع، أو نجم، أو مادة، أو عقل، أو فلك، أو روح، أو نفس، أو غير ذلك مما يذكرونه، وأي هذه الأمور الموجبة كان فهو باطل؛ لأنها إن أوجبت العالم وهي قديمة أو معدومة كان العالم قديما، وقد صح أن فيه شواهد الحدوث، وإن أوجبت العالم وهي حادثة كالعالم دار الكلام إلى مالا يعقل ولا ينحصر؛ لأنك تقول: هل حدثت بنفسها أو بغيرها، كما ذكرنا في حدوث العالم فلا يكون للجواب أو السؤال انقضاء أبدا.

فصح أن العالم حصل بفاعل مختار، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهو الله عز وجل، كما قال تعالى:{هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء} إلى غير ذلك من آيات القرآن الكريم.

فعرفت أيها الطالب صحة هذا الركن بما فيه من المعارف، وبذلك باينت الفلاسفة، والملاحدة، والطبائعية، والدهرية، والباطنية، والغلاة، والمفوضة، وسائر إخوانهم من الكفار الجاحدين، والحمد لله رب العالمين.

Halaman 215