200

Irshad

الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي

Genre-genre

Tasawuf

ولما حج سليمان بن عبد الملك ومر بالمدينة زاره من بها من العلماء، غير أبي حازم الأعرج، فأمر له فأتي به، فلما دخل عليه قال: ما هذه الجفوة ؟ قال: وما ذاك ؟ قال: زارني الناس غيرك. قال: لم يكن بيني وبينك معرفة فآتيك قضاء لحقك، ولم يكن لي إليك حاجة فآتيك لها، ولا خفت منك شيئا فآتيك لدفعه. فقال: أصاب الشيخ وأخطأت، ثم سأله عن مسائل كثيرة وأجابه بالغلظة ثم قال له: يا أبا حازم ارفع إلي حوائجك. فقال: تنجيني من النار، وتدخلني الجنة. قال: ليس ذلك لي. قال: فلا حاجة لي في غيره. ولما خرج بعث إليه بمائة ألف دينار فردها، وكتب إليه كتابا من جملته: فإن كانت الدنانير عوضا لما حدثتك به، فالميتة ولحم الخنزير أحب إلى من هذه الدنانير، وإن كان هذا حقا لي في بيت المال فلي فيه نظر، فإن سويت بيننا وإلا فلا حاجة لي فيها".

فهذه هي المعاشرة مع الظالمين التي أوجبها رب العالمين، ولو ذكرنا ما ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما جرت به عادة الصالحين لما اتسع له هذا الموضع، وهو بحمد الله تعالى مشهور لا خفاء به.

وقد تم بذلك القسم الثاني، وهو تهذيب النفس بحسن الخلق مع المخلوق.

Halaman 204