119

Iraq in Narrations and Signs of Turmoil

العراق في أحاديث وآثار الفتن

Penerbit

مكتبة الفرقان

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Lokasi Penerbit

الأمارات - دبي

Genre-genre

ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-:
«وكثير ممن خرج على ولاة الأمور أو أكثرهم إنما خرج لينازعهم مع استئثارهم عليه، ولم يصبروا على الاستئثار، ثم إنه يكون لولي الأمر ذنوب أخرى، فيبقى بغضه لاستئثاره يعظم تلك السيئات، ويبقى المقاتل له ظانًّا أنه يقاتله لئلا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، ومن أعظم ما حركه عليه طلب غرضه: إما ولاية، وإما مال، كما قال -تعالى-: ﴿فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون﴾ [التوبة: ٥٨]، وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء يمنعه من ابن السبيل، يقول الله له يوم القيامة: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك، ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا؛ إن أعطاه منها رضي، وإن منعه سخط، ورجل حلف على سلعة بعد العصر كاذبًا: لقد أعطي بها أكثر مما أعطي (١)» .
فإذا اتفق من هذه الجهة شبهة وشهوة، ومن هذه الجهة شهوة وشبهة، قامت الفتنة، والشارع أمر كل إنسان بما هو المصلحة له وللمسلمين، فأمر الولاة بالعدل والنصح لرعيتهم، ... وأمر الرعية بالطاعة والنصح، ... وأمر بالصبر على استئثارهم، ونهى عن مقاتلتهم ومنازعتهم الأمر مع ظلمهم؛ لأنّ الفساد الناشئ من القتال في الفتنة أعظم من فساد ظلم ولاة الأمر، فلا يُزَالُ أَخَفُّ الفسادين بأعظمهما» (٢) .
قال أبو عبيدة: هذا أصل سلفي منهجي محكم غاب عن هؤلاء الخائضين في الدماء إلى الركب، وهم يزعمون السلفية، وليسوا أهلًا للاجتهاد، فكيف إذا تكلم العلماء: أهل العلم والدين، وقرروا خطأ صنيعهم،

(١) أخرجه البخاري (٢٦٧٢)، ومسلم (١٧٤) من حديث أبي هريرة ﵁.
(٢) «منهاج السنة النبوية» (٤/٥٤٠-٥٤٢) .

1 / 122