٩ - أن السيد إذا عاقب عبده على ترك ما أمره به سيده، فإن العقلاء من أهل اللسان لا يلومونه على ذلك بل يذمون العبد ويوبخونه على الترك.
١٠ - تارك المأمور به عاص، بدليل ﴿أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي﴾ [طه: ٩٣] (^١).
المسألة الرابعة: صيغة الأمر
قوله: "وصيغته إفعل": فيه إشارة إلى مسألة مشهورة في الأصول، وهي: هل للأمر صيغة أم لا؟ فمذهب الأربعة وعامة أهل العلم أن له صيغة (^٢)، وذهب أبو الحسن الأشعري ومن تبعه إلى أنه لا صيغة للأمر والنهي، وقالوا: لفظه لا يفيد بنفسه شيئًا، إلا بقرينة تنظم إليه ودليل يتصل به.
(قال ابن السمعاني): وعندي أن هذا قول لم يسبقهم إليه أحد من العلماء، وقد ذكر بعض أصحابنا شيئًا من ذلك عن ابن سريج ولا يصح، وإذا قالوا: أن حقيقة الكلام معنى قائم في نفس المتكلم، والأمر والنهي كلام، فيكون قوله: إفعل ولا تفعل عبارة عن الأمر والنهي النفسي لا حقيقة الأمر والنهي، هذا أيضًا لا يعرفه الفقهاء، وإنما يعرفوا قوله: إفعل حقيقة في الأمر، وقوله: لا تفعل حقيقة في النهي. (^٣)
وقد تعقب النقل عن الأشعري كبار الأئمة وخطئوه، كالإمام أبي إسحاق الشيرازي، (^٤) والإمام الغزالي، (^٥) والإمام الجويني (^٦) وغيرهم.
(^١) القواطع لابن السمعاني وابن الحاجب وشرحه للرهوني ١/ ١٨٠ ..
(^٢) القواطع لابن السمعاني ١/ ٧٥.
(^٣) المرجع السابق.
(^٤) شرح اللمع ١/ ٢٠٦
(^٥) المستصفى ١/ ٤٢٠
(^٦) البرهان ١/ ٢١٣