389

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Genre-genre

Fikah

قالوا: روي عنه أنه قال: (( وقيء ذارع )). فدل على أن ما دون الذارع مخالف لحكمه في النقض والتنجيس. والذارع: هو السابق؛ لأنه يسبق الإنسان ولا يقف على إرادته، وسمي القيء: ذارعا لخفة خروجه عند تحرك النفس وتجشيها أخذا من قولهم: امرأة ذارع. إذا كانت خفيفة الغزل. فلما علق الحكم بالذارع، دل على أن ما عداه بخلافه في النجاسة.

قلنا: هذا من الطراز الأول، فإن الخبر إنما سيق من أجل نقضه للوضوء لا من أجل بيان حكم النجاسة، فأحدهما مخالف للآخر، فنحن نسلم أنه ناقض وما دونه ليس ناقضا، لكنا لا نسلم أنه غير نجس، بل الذارع وما دونه نجسان، دليله، سائر النجاسات كلها من البول والعذرة وغيرهما.

قالوا: ما دون الدسعة قيء لم يملأ الفم فوجب أن لا يكون نجسا كالجشاء المتغير.

قلنا: عنه جوابان:

أما أولا: فلأن القيء خارج من أعماق البدن، والجشاء ليس خارجا من أعماقه، وإنما هو هواء يتردد في الحلق من المعدة إلى الفم.

وأما ثانيا: فلأن الأصل في الجشاء أن تكون رائحته طيبة؛ لأنه لا محالة ينفصل من الغذاء الطيب، وإنما تعرض له الرائحة الكريهة من أجل تغير في المعدة من أجل الامتلاء، بخلاف القيء فإنه متغير بكل حال فلهذا افترقا.

قالوا: مائع من طبعه الانحدار فإذا علا صار مستخرجا، فلهذا كان نجسا كثيره دون قليله كالدم.

قلنا: نقض الوضوء متعلق بكثيره دون قليله كما فصل بينهما الشرع، بخلاف النجاسة، فإن الشرع ما فصل بين قليله وكثيره فمن أجل ذلك قضينا بالتعميم في قليله وكثيره بالتنجيس.

Halaman 396