336

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Genre-genre

Fikah

قلنا: إنما لم يأمروا فيها بالغسل ليس من أجل ظنهم بطهارتها، ولكن من جهة عموم البلوى بها؛ فإنها لا يمكن الاحتراز منها، فلما تعذر الاحتراز منها اغتفر الشرع نجاستها، فهذا هو السبب المانع من أمرهم بغسلها لا من جهة الحكم بكونها طاهرة، ثم نقول: إنا لا نسلم أيضا أنهم ساكتون عن غسل ما تفاحش من ذلك، وإنما السكوت عما كان قليلا يتعذر الاحتراز منه، فأما ماكان كثيرا فلا يسقط الشرع حكمه ويجب غسله فافترقا، والسيد أبوطالب وإن كان قد قال في ذرق الدجاج والبط ما قال من طهارته إذا لم يكن مخالطا للنجاسة، فإنه لا يخالف هاهنا في نجاسة ذرق سباع الطير، وهكذا إحدى الروايتين عن القاسم في ذرق الحمام وغيرها، فإنه لا يخالف هاهنا أيضا في النجاسة؛ لأن لحومها غير مأكولة عنده، فهما لا يخالفان في نجاسة ما يخرج منها.

والانتصار عليهم فيما يوردون من الكلمات الدالة على ذرق الدجاج، يعود هاهنا، وقد أبطلناه فلا حاجة إلى تكريره، والله أعلم بالصواب.

مسألة: والدماء الخارجة من الكلب والخنزير والميتة والكافر، كلها نجسة عند أئمة العترة وفقهاء الأمة: أبي حنيفة وأصحابه، والشافعي وأصحابه، وغيرهم من العلماء قليله وكثيره، ولا يعرف فيه خلاف من جهة الصدر الأول من الصحابة والتابعين (رضي الله عنهم) وإنما يحكى الخلاف عن بعض الفقهاء سنذكر مقالته، ونظهر فسادها بمعونة الله تعالى.

والحجة على ذلك: قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم}[المائدة:3]. فهذا عام، وقوله في حديث عمار: (( إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والدم))، ولم يفصل بين دم ودم، فيجب القضاء بنجاسة كل دم إلا ما خصته دلالة على حياله، ولأن الدم كاف في كونه نجسا؛ فكيف إذا كان متصلا بهذه النجاسات، أعني: كونه كلبا وخنزيرا وميتة وكفرا، فهذه كلها مزيدة قوة في النجاسة لامحالة.

وهل يكون دم السمك طاهرا أو نجسا ؟ فيه مذهبان:

المذهب الأول: أنه طاهر، وهذا هوا المحكي عن السيدين أبي العباس وأبي طالب وهو قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن.

والحجة على ذلك: هو أنه يؤكل بدمه، فوجب الحكم عليه بالطهارة كالدم الذي يبقى في العروق بعد الذبح؛ فإنها لما كانت تؤكل بدمائها دل على طهارتها.

Halaman 342