Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Genre-genre
والحجة على ما قلناه: قوله : (( إذا أمرتم بأمر فأتوا به ما استطعتم))(¬2) ووجه الاستدلال بما ذكرناه من الخبر هو أن الصلاة ثابتة على الذمة بيقين، فلابد من تأديتها بأمر متيقن فإذا تعذر أداؤها باليقين وجب العدول إلى غالب الظن؛ لأن الظن معمول به عند تعذر العلم القاطع لا محالة، فإذا اشتبهت الأواني الطاهرة بالأواني النجسة والأثواب النجسة بالأثواب الطاهرة فلابد فيها من التحري ليحصل تغليب الظن بتأدية الصلاة، فيكون الظن غالبا عند التحري بكونه أدى الصلاة في ثوب طاهر بماء طاهر، وهذا هو مقصود الشرع ومطلوبه.
وحكي عن المزني من أصحاب الشافعي وأبي ثور، أنه لا معنى للتحري في الأواني ولا في الثياب كما [هو] رأي الناصر ولكن يعدل إلى التيمم.
وحجتهما على ما قالاه: هو أنه قد وقع الاشتباه بين محظور ومباح فلم يجز التحري فيهما كما لو اختلطت منكوحة بأجنبية وكما لو اختلطت [ميتة] بمذكاة.
وحكي عن ابن الماجشون (¬1): أنه يتوضأ بكل واحد من الإنائين ويصلي وكذلك الثياب يصلي في كل واحد منها.
وحجته على هذا: هو أنه إذا كان الفرض يمكنه أداؤه بيقين وجب عليه، ولن يكون إلا بما ذكرناه فلهذا وجب عليه.
والمختار: ما قاله علماء العترة وفقهاء الأمة من وجوب التحري وكونه مشروعا في الأواني والثياب.
والحجة على ذلك: ما حكيناه عنهم ونزيد هاهنا، وهو قوله عليه السلام: (( دع ما يريبك إلى مالا يريبك))(¬2). والشك(¬3) إذا اعترض فهو ما يريب ويؤلم النفس ولا سبيل إلى إزالته فيما ذكرناه إلا بالتحري وتحصيل غالب الظن، فلهذا كان واجبا لتحصيل العبادة على مطابقة الشرع ووفقه، وقوله : (( المؤمنون وقافون عند الشبهات)). فإذا حصل التردد لأجل الشك فلا سبيل إلى إزالة الشبهة إلا بما يحصل من الترجيح وتغليب الظن، ولهذا كان مقصودا للشرع، ولأن الغرض بالتحري إنما هو إسقاط لزوم الصلاة عن الذمة وبراءتها عنها، وهذا إنما يحصل على الكمال بالتحري والاجتهاد، فيجب أن يكون واجبا فيما ذكرناه كما وجب ذلك في استعمال الماء للوضوء إذا كان صريحا.
Halaman 292