273

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Genre-genre

Fikah

ويجوز التطهر بسؤر الجنب والحائض لما روته عائشة (رضي الله عنها) قالت: (( كنت أتعرق العظم وأنا حائض فأعطيه النبي فيضع فمه في الموضع الذي وضعت فمي فيه، وأشرب الشراب فأناوله فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب منه))(¬1). وفي حديث حذيفة أنه لما قال: إني جنب (( أبرز ذراعيك إن المسلم لا ينجس ))(¬2). ثم وضع كفه على ذراعيه وإنها لرطبه. وروي عن النبي (( أنه خرج يوما إلى المسجد فرأى في ثوبه دما فأمر به إلى عائشة وهي حائض لتغسله فغسلته))(¬3)، وقال لها يوما: (( ناوليني الخمرة)). فقالت: إني حائض. فقال: (( أحيضتك في يدك))(¬4)؟

وهل يكره سؤرهما أم لا؟ فالذي عليه أئمة العترة وفقهاء الأمة أن سؤرهما لا يكره.

والحجة على ذلك: ما رويناه من هذه الأحاديث، فإنها دالة على الجواز من غير كراهة.

وحكي عن الحسن بن صالح كراهة سؤرهما، ولا أعرف له وجها في الدلالة على الكراهة سوى أن الحائض متلوثة بالنجاسة في أغلب أوقاتها، فإذا باشرت شيئا من هذه الأمور فإنه لا يؤمن منها تنجيسه، فلهذا كره مخالطتها لما ذكرناه. والجنب مقيس عليها بجامع كون كل واحد منهما يجب عليه الغسل.

والمختار: ما عول عليه أئمة العترة وفقهاء الأمة من جواز استعمال آسارهما من غير كراهة، وما قاله من توهم النجاسة لا وجه له، فإنه وهم لا يعول عليه مع ما قررناه من الأدلة الشرعية التي حكيناها، ولأن ما ذكره الحسن يشبه أن يكون مثل فعل اليهود، فيجب القضاء ببطلانه لما روى أنس بن مالك: أن اليهود كانوا إذا حاضت منهم المرأة أخرجوها من البيت فلم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت، فسئل رسول الله عن ذلك فأنزل الله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض}[البقرة:222]. إلى آخر الآية، فقال : (( جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء غير النكاح))(¬5). فقالت اليهود : ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئا من أمرنا إلا خالفنا فيه، ففي هذا دلالة على جواز مخالطتهن في المآكل والمشارب والتصرفات من غير كراهة.

Halaman 278