Intisar
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Genre-genre
الحجة الأولى: هو أنا نقول: إن الشبه والأشبه سيان في تعليق الحكم بهما، فيجب أن لا يكون للأشبه مزية على الشبه، وفي هذا ما نريده من بطلان القول بالأشبه. وبيان ذلك: أنا نفرض الكلام في مسألة تعليل الربا في الفضل، فالكيل على رأي أصحابنا وأبي حنيفة شبه وهو طرد عند القائلين بصحة الطرد، والطعم شبه على رأي الشافعي وهو طرد عند من يقبل الطرد، فمن قبل الوصف الذي لا يناسب الحكم، فهو شبه، ومن رده فهو طرد، فمن قبل الطرد قال: بأنه طرد، ومن رد الطرد قال : بأنه شبه، ومن رد الشبه فقال إنه أشبه، فالطرد والشبه والأشبه في مسألة كلها تعليلات وأوصاف غير مناسبة. لكنها تختلف الألقاب عليها بالإضافة إلى ردها وقبولها من غير أن يكون هناك بينها تفرقة من جهة الذات لعدم المناسبة فيها، وأن التعويل فيها إنما هو على أمر غير مخيل من جهة المشابهة الخاصة، فإذا كان لا تفرقة بينها من جهة الذات دل ذلك على أن الطرد والشبه والأشبه في حكم واحد، وأن الشبه في حق القائلين هو الأشبه في قول آخرين، وأنهما جميعا طردان عند القائلين بالطرد.. فإذا لا وجه لما قاله هؤلاء في تقرير الأشبه بحال.
الحجة الثانية: في بطلان الأشبه، أن نقول للقائلين ونستنطقهم عما يرون من إثباته فنقول:
ليس يخلو حال الأشبه عندكم إما أن يكون مكلفا به أو لا يكون مكلفا به.
فإن قالوا: إنه غير مكلف به.
قلنا: فإذا كان غير مكلف به فلا حاجة إلى طلبه؛ لأنه على هذا لا يتناوله التعبد ولا يعد في الأمور العملية، وإن كان مكلفا به فليس يخلو حاله إما أن ينصب الله عليه دلالة أو لا، فإن لم ينصب عليه دلالة كان التكليف به تكليفا بما لا يعلم وهو محال لا يجوز على الله تعالى لأجل حكمته، وإن نصب عليه دلالة، فليس يخلو حالها، إما أن تكون علمية أو ظنية، ومحال أن تكون علمية؛ لأنه كان يلزم أن يكون أمرا معينا وأنتم لا تقولون به، ويلزم أن يكون مخالفه مخطئا وهو خلاف مذهبكم.
وإن كانت ظنية فهذا جيد، لكن نقول: إن كل واحد من المجتهدين يدعي فيما قاله وغلب على ظنه أنه علة الحكم ووصفه أنه أشبه، فليت شعري بم يكون التمييز بين وصف ووصف وأمارة وأمارة، وفي ذلك بطلان الأشبه، وأنه لا حقيقة له ولا وجود.
فهذا ما أردنا تقريره في حكم الآراء في المسائل الاجتهادية، وأن المذهب تصويبها لا محالة.
Halaman 156