وكذلك الصَّوتُ لا يتولَّد إلا عن جسمَين يقرعُ أحدُهما الآخر أو يُقْلَع عنه، فيتولَّد الصوتُ الموجودُ في أجسام العالم عن أصلَين يقرعُ أحدُهما الآخرَ أو يُقْلَع عنه (^١).
فمهما احتجُّوا به من القياس فالذي جاء الله به هو الحقُّ وأحسنُ تفسيرًا وأحسنُ بيانًا وإيضاحًا للحقِّ وكشفًا له.
وأيضًا، فجعلوها (^٢) علَّةً تامَّةً لما تحتَها (^٣) ومُحْدِثةً له (^٤) ومُوجِبة له، حتى يجعلونها مبادئنا ويجعلونها لنا كالآباء والأمهات، وربما جعلوا العقلَ هو الأب والنفسَ هي الأم، وربما قال بعضهم: الوالدان العقلُ والطبيعة، كما قال صاحب «الفصوص» في قول نوح ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ [نوح: ٢٨]: «أي: من كنتُ نتيجةً عنهما، وهما العقلُ والطبيعة» (^٥).
وحتى يسمُّونها «الأربابَ والآلهة الصُّغرى» (^٦)، ويعبدونها، وهو كفرٌ مخالفٌ لما جاءت به الرُّسل.
(^١) انظر: «بيان تلبيس الجهمية» (٥/ ٢٠٢ - ٢١١).
(^٢) أي العقول العشرة والنفوس الفلكية التسعة التي هي الملائكة بزعمهم. وفي الأصل: «فجعلها»، والمثبت أولى.
(^٣) الأصل: «يحبها»، وستأتي على الصواب، وأصلحت في (ف).
(^٤) الأصل: «وموكدة له»، تحريف، لعل صوابه ما أثبت.
(^٥) «فصوص الحكم» (٧٤).
(^٦) انظر: «بيان تلبيس الجهمية» (٢/ ٦٦)، و«بغية المرتاد» (٢٤١، ٣٧٦)، و«قصة الحضارة» (٢/ ٢١٤، ٦/ ٣٢١، ٩/ ٨٩)، وما سيأتي (ص: ٢٩٦).