Kemunduran Umat Islam Kembali ke Penyembahan Berhala: Diagnosis Sebelum Reformasi
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Genre-genre
لذلك فإن الإنسان وحده هو مناط التكليف الديني والإنساني أيضا؛ فهو الذي يمتلك حرية الاختيار ضمن خلقته؛ لذلك يكون مسئولا عن القيم الأخلاقية أمام المجتمع الإنساني وقانونه وأمام الله أيضا، أما الله نفسه فهو على العكس تماما من ذلك، إنه لا يسأل وهم يسألون، ومن لا يسأل لا يكون بحاجة لقيم أخلاقية، وإذا كان الخلق يخضعون لقيم قررها الله عليهم، فمن العسير تصور الخالق خاضعا لما خلقه من قيم؛ فهو لا يخضع لشروط وليس لفعله حدود؛ لذلك تكون محاولة توصيف فعال الرب وفق معايير قيمية أمرا غير جائز لأنه يكون مساءلة للرب، ومساواة لفعال الرب بفعال خليقته؛ لذلك فإن خلط الدين بمفاهيم هي من ابتداع الإنسان، وقيم هي خلاصة خبرات مجتمعية طويلة، يسيء إلى الدين وربه؛ لذلك لنترك الدين وربه وننصرف إلى إصلاح واقعنا القيمي بأيدينا، أما الله فهو يخلق ما يشاء وكيف يشاء وحين يشاء ولا معقب على مشيئته، وما يفعله فقهاء زماننا أنهم ينزلون الكامل من عليائه إلى رتبة مخلوقاته، بما يساوي بين الخالق والمخلوق، بتطبيق المعيار القيمي ذاته على كليهما، وهذا كله إنما يعني أن القيم مسألة إنسانية بحتة لا علاقة لها بدين من الأديان. والقيمة كي توجد لا بد أن تفترض الحرية في من يقوم بفعل المعايرة والتقييم لينتقي ما يناسبه من قيم؛ لذلك تختلف قيم الحجازي عن قيم الإنجليزي، أما فاقد الحرية كالملائكة فلا يمكن وصف فعلها بأنه خير أو شر أو ذو قيمة صحيحة أو باطلة؛ فهي لا تملك إلا الطاعة دون اختيار، كذلك النبي، مثله - مع فارق التشبيه - كمثل السلك الموصل للتيار من المصدر المولد إلى المصباح، لا يتدخل إنما يبلغ فقط؛ لذلك هو غير حر في قراراته، وليس بدوره بحاجة إلى التقييم والمعايرة.
ولا يبقى لدينا سوى الإنسان الذي يسعى لتحقيق ما يحتاج ويملك حرية الاختيار، فالقيم كلها صناعة بشرية، صنعها المجتمع الإنساني عندما ارتقى عن حيوانيته البدوية الأولى ليدير مجتمعه بما يفي بحاجاته، وطور من تلك القيم مع كل نقلة تطورية حضارية مادية، ولم ينزل الإنسان من الجنة مزودا بنظرية فلسفية متكاملة في القيم، إنما اعتمد على المحاولة والتجربة والخطأ والصواب ليختار ما يراه صوابا ويستبعد ما يراه خطأ، ويبقي على المفيد ويستبعد الضار.
السادة أهل الدين ينسبون إلى الدين ما لم يكن فيه؛ لأن فلسفة القيم نسبية متطورة، وما وصلت إليه اليوم لم يكن معلوما في معارف الأقدمين، إن النظرية النسبية لم تكن معلومة قبل آينشتاين، ومشايخنا كمن يقول لنا: إن الخليفة أبا بكر قد عرف النسبية ، ومثلها بالضبط: أن الصحابة قد عرفوا القيم. أهل الدين في بلادنا كل غرضهم تسفيه عالمنا المعاصر خاصة في البلاد المدنية المتقدمة، كي لا يبقى صحيحا سوى ما نعتقد، لأننا خير أمة أخرجت للناس وبقية العالم بهائم، وكي نكون على صواب، لا بد أن تكون الدنيا كلها على خطأ، حتى لو كان الواقع على أرضنا يقول بعكس رؤيتنا بالكلية.
ولعل ما يرد على نظرية الخلق الرباني لقيم دينية كاملة منزلة من السماء، هو ذلك التطور الذي لحق بالقيم على يد الأنبياء ذاتهم، وهم أنبياء الإله ذاته، ومع ذلك جاء المسيح فنسخ شريعة موسى بنظام جديد، وجاء محمد
صلى الله عليه وسلم ، فجب إسلامه كل ما سبق جبا، والموقف المنطقي السهل البسيط هنا لا بد أن يقف عند أحد احتمالين لا يجتمعان، فإما أن نقول ونقر بأن النبي الثاني جاء بقيم من أفكاره هو وغير ربانية بدليل مخالفتها للنبي الأول، بينما الله واحد! فيكون النبي الثاني قد خان ربه! وإما أن نقول ونقر بالتطور على كل المستويات، وهو ما يستدعي الاعتراف بعدم وجود قيم دينية ثابتة لا تتغير حسب المفهوم من الدين، وهو ما يرفع الإصر عن الأنبياء.
وإن إحالة القيم إلى الدين وربه يجعلها جبرية، والجبري لا يعطي الماديات قيمتها الحقيقية، كالتسعير الجبري للسلع في الأزمات، بينما السوق الحر هو ما يعطي السلعة قيمتها الحقيقية حسب العرض والطلب؛ لذلك فإن التقييم الذي تجبرني عليه السلطة أو الدين أو الإعلام الموجه، إنما يشكل وعيا زائفا وقيما بلا معنى وبدون دلالة واقعية.
ولمزيد من التبسيط نجد الإسلام يجعل المسلم لا يعطي للذهب كوسيلة زينة أي قيمة، بل هو قيمة سلبية محرمة على الرجل المسلم، ومثله الحرير، بينما يترك للمرأة منح ذهب الزينة قيمتها، والموضوع واحد، والمصدر واحد، هنا لا يقوم الخلاف حول قيمة الذهب لارتباط القيمة بالحلال والحرام، والفارق بين الرجل والمرأة، فإذا تحدثنا عن القيم إسلاميا لن نجد اتفاقا، فللذهب هنا قيمتان قيمة سلبية بالنسبة إلى الرجال، وقيمة إيجابية بالنسبة إلى النساء .
وللتمييز بين مفهوم الحرام والحلال وبين الصواب والخطأ، نجد أن من يعرف الحلال ويفرزه ويجنبه عن الحرام هو الدين، وكلاهما - الحلال والحرام - تم تبليغه للمسلمين من رب العزة، والمحاسبة عليه قد تكون في الدنيا وقد تكون آجلة بعد البعث والحساب، ويمكن العفو عن كل العقوبات بالتوبة والمغفرة وإسقاط الآثام عدا الشرك بالله، وهو شأن كله رباني لا دور فيه للبشر بالتعديل أو الإلغاء، أما مفهوم الصواب والخطأ فهو أمر دنيوي بحت يتعلق بأعمال الإنسان من فنون وإدارة وطب وهندسة، وهي مجالات لا مكان فيها لمفهوم الحلال والحرام؛ فهي لا تعرف سوى الصواب والخطأ والعلم هو من يضع لها معايير الصواب والخطأ، فحفظ المواد الغذائية في درجة حرارة معينة يكون صوابا، وفي درجة حرارة أخرى يكون خطأ، وإن إديسون أصاب باختراعاته لكن ذلك لن يؤدي بالتأكيد إلى دخوله الجنة، والذي يخطئ في امتحان الرياضيات ويرسب لن يدخل جهنم، والموظف الذي يخطئ يعاقب طبقا للقواعد التي أعدها البشر حسب الخطأ والصواب وليس حسب الحلال والحرام.
قد تصل العقوبة إلى فصل الموظف أو حبسه، لكنها أبدا لا تصل إلى الجلد أو الرجم أو الخلود في العذاب مهانا، والذي يحصل على جائزة نوبل ليس بالضرورة أن يكون مكانه الأخروي هو الفردوس الأعلى، والفشل في إطلاق صاروخ لن يدخل صاحبه جهنم؛ لذلك فالقيم هي إبداع إنساني خالص لا علاقة له بدين من الأديان.
سألجأ هنا إلى تعريف القيمة كما أوردتها أستاذة علم الاجتماع الدكتورة فوزية دياب في كتابها القيم «القيم والعادات الاجتماعية»، وهي دكتورة دروشة فيما ينطق به كتابها؛ لذلك تعطينا تعريفا واضحا، غير ملتبس، فتقول (ص29): «القيمة هي الاعتقاد أن شيئا ما ذا قيمة وقدرة على إشباع رغبة إنسانية، والقيمة هي صفة الشيء التي تجعله ذا أهمية للفرد أو الجماعة، وهي حقيقة سيكولوجية ليست قابلة للقياس، ولا بد من تمييز القيمة تمييزا دقيقا عن المنفعة لأن حقيقتها تكمن في العقل البشري لا في الشيء، فالشيء ذو المنفعة الزائفة تكون له القيمة نفسها كما لو كان حقيقيا إلى أن يتكشف هذا الخداع.»
Halaman tidak diketahui