Kemunduran Umat Islam Kembali ke Penyembahan Berhala: Diagnosis Sebelum Reformasi
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Genre-genre
كي يقدم الدكتور الصاوي فلسفة الإسلام في القيم يبدأ أولا بإدانة كل القيم في العالم غير المسلم، فيقول: «إن القيم المادية الوضعية تنزل بصاحبها إلى درجة السقوط، وذلك يرجع إلى طبيعة مستواها المادي المحسوس، الذي يجتذب الإنسان ويحركه نحو الفساد والطغيان لا نحو الإصلاح.» ومن ثم يبني على هذه الفرضية (أو الحقيقة من وجهة نظره) استطراده وهو يقول: «وبسبب السمو الذي تتميز به القيم الدينية؛ فإنها تفي بحق الإنسانية، وتخرج الإنسان الذي عانى بسب بعده عن الدين الصحيح، من القلق والاضطراب والتعاسة وفقدان مشاعر الأمن، وانتشار الجريمة والعنف والإدمان والأمراض النفسية والعصبية وزيادة نسبة الانتحار، والطلاق والاغتصاب والقتل وسيطرة مشاعر الاغتراب والوحشة والبؤس والرعب الذي ساد معظم دول العالم المتقدم.» وتأسيسا على هذه الصورة البغيضة التي رسمها سيادته لمجتمعات تخلت عن القيم الدينية وانغمست في قيم مادية دنيوية شريرة بالضرورة لا يبقى سوى قوله: «إن القيم الدينية هي من أهم القيم على الإطلاق، وهي الأساس الذي تنطلق منه جميع القيم الحاوية لكل القيم النبيلة؛ فهي تفوق جميع القيم، وترجع أهميتها إلى أن الدين هو أساس القيم والوعي بها والساعي دائما إلى تدعيمها، وهي قيم روحية قادرة على هداية حقيقية لأنها من صنع الله الذي خلق النفوس وأوردها فجورها وتقواها. لقد أرست الأديان جميعا وعلى رأسها الإسلام قيما منزهة عن كل منفعة شخصية» (ص38 وص35). تدهشك جرأة هؤلاء القوم على العلوم بكل أصنافها من الكيمياء إلى الفيزياء إلى الطب إلى الفضاء، والآن يجترئون على الفلسفة! كل ميدان صار مستباحا لهم إلا ميدانهم هم لهم وحدهم دون غيرهم، رغم أن القرآن الكريم والسنة النبوية لم تكن تعرف شيئا مما يقوله فقهاء أيامنا. وحسب الكتاب والسنة فإن ما يحرك الإنسان نحو الفساد والطغيان هو الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس، ولم يقل لنا الله شيئا عن القيم المادية الوضعية التي يبخسها مشايخنا كل التبخيس لكونها غير صادرة عن إسلام.
وأحيانا لا تفهم سر حملتهم الشديدة على كل ما هو مادي موضوعي وضعي، رغم أن آدم حسب النظرية الدينية مخلوق مادي، والحجر الأسود مادة، والكعبة نفسها أحجار مادية وكذلك كسوتها، ومقام إبراهيم وإبليس، كلها أحجار مادية ومع ذلك هي عندنا أسمى المقدسات!
وبدون شعيرة الرجم المادي بالأحجار ترمى على إبليس الحجري المادي يفسد الحج من أصله. ناهيك عن كون القيم الإنسانية أو الوضعية أو بمسماها الفلسفي الإكسيولوجية «الحق والخير والجمال» تخاطب روح الإنسان لا مادته، والأمر على العكس مما يقول فقهاؤنا؛ لأن القيم الدينية تخاطب المادة قبل الروح، فقد حارب الرسول والصحابة من أجل السيطرة والسيادة والغنائم المادية البحتة، إضافة بالطبع إلى نشر الدعوة. وحارب الصديق من أجل الزكاة، وحارب خالد بن الوليد وعمرو بن العاص والقعقاع وخيرة الصحابة الأجلاء من أجل الفيء والجزية، بل وتصارع كبار الأجلاء منهم على عرض الدنيا المادي، كما حدث بين الزهراء وبين الصديق بشأن ميراثها، وكما حدث في حروب دموية رهيبة من أجل السيادة والجاه حتى ضرب المسلمون كعبتهم بالمنجنيق، وحتى قتلوا خليفتهم وخاضوا الفتنة الكبرى، وحتى اقتحم المسلمون مدينة رسول الله واستباحوا فروج الصحابيات بنات الصحابة، وحتى ذبح المسلمون آل بيت الرسول في عملية إفناء مخزية، وطال الاقتتال الشيعي السني حول المسلمين كميراث مادي، هل هم ميراث أولاد فاطمة وحدهم أم هم ميراث قريش على المشاع؟ حتى يومنا هذا!
فأين كانت قيم الروح والدين في كل هذا الذي حدث في تاريخنا الرهيب الملطخ بدماء الأبرياء؟ وهي مجازر لم يكن فيها مكان لحق، بعد أن زعمت كل فرفة أن حقها هو الصواب المطلق وحده وغير باطل، ولم يكن فيها أي خير بقدر ما نالت شرورها عموم الناس مسلمين وغير مسلمين، وما كان فيها أي شيء يمكنك أن تصفه بالجمال، ولم يكن فيها مكان للدين، بعد أن فرض كل فريق وجهة نظره إسلاما يحارب به إسلاما مارقا لدى الفرقة الأخرى، فضاع الإسلام وبقيت الفرق المتحاربة على عرض الدنيا فرقا إسلامية، احتاج كل منها إلى الشرعية فظهرت الأحاديث وظهر المشايخ عند كل طرف يقدم له الشرعية ودعم السماء.
المشكلة مع مثل هذا الخطاب الفقهي هو قلبه للحقائق عن قصد مبيت وسابق علم وترصد، ليصور للمسلمين حالهم وكأنهم قمة البشرية وسنامها المقدس الحافظ لكل القيم الأخلاقية؛ لذلك ينعمون بالسعادة، وأن غيرهم يعيش البؤس والشقاء والتعاسة. وهو لون من الكذب والغش والتدليس، مع صرف متعمد للناس عن واقعهم المهين الذي وصل إلى أقصى درجات تدنيه، صرفهم عن محاولة إصلاح هذا الواقع، اطمئنانا إلى أن أهل الغرب الطاغوتي وبقية دول العالم المتقدمة الكفرية، لا تحلم بما نحن فيه من عز ورفاه وسعادة بفضل قيمنا الأرقى، وأن قيمنا الأخلاقية هي الأصح بالمطلق لأنها صيغة ربانية كاملة المواصفات سابقة التجهيز!
الأغنية نفسها ترنمها بقية المجموعة التي تناولت فلسفة القيم في سلسلة وزارة الأوقاف، كلها تندد بأخلاق المجتمعات الغربية حتى تكاد توحي إلينا بأنه مجتمع من الحيوانات أو أدنى، بل وتصرح بذلك كتب الفقه التي يدرسها أبناؤنا في مدارسنا وتؤكد «أنها مجتمعات حيوانية أقرب إلى البهيمية». إنه الأسلوب العربي ذاته في شعر الفخر والهجاء البدوي.
ولا يقولون لنا كيف أمكن لذلك المجتمع المنحل الخرب، أن يخلص البشرية جميعا دون تمييز بين الناس لا بحسب الدين ولا الجنس ولا الطائفة، من أمراض الطاعون والدفتريا وشلل الأطفال والجدري والكوليرا وبقية الأمراض الوبائية الفتاكة، وهي أمراض عجزت الدنيا قبل الغرب الكافر عن مواجهتها، علما أن هذا التاريخ كان يضم أنبياء كانت تكفي دعوة واحد منهم لرفع هذه الأوبئة، وهو ما لم يحدث ولا مرة واحدة.
إن فقهاء زماننا لا يقولون لنا كيف تمكن أهل المجتمع الغربي الأنجاس الملاعين بقيمهم السفيهة من توفير الطائرات التي قصرت رحلة حجنا العسيرة إلى مكة من ثلاثة أشهر نضرب فيها أكباد الإبل، إلى ساعتين من الرفاهية والمتعة والتسلية الرفيعة والمعاملة الإنسانية الكريمة. وكيف حولت الكعبة من بناء بدائي إلى بناء غاية في الفخامة بهندسة ومواد إنشاء كلها من بلاد الطاغوت.
في النهاية من تلك المجموعة من الكتابات لا يخرج المسلم سوى بحالة من الكراهية لهذا الغرب، هي كتابات تعيش حالة تحريض مستعر غير مفهومة، لنبقى مع قيمة القناعة التي هي كنز لا يفنى بما لدينا من الفقر والجهل والمرض والتخلف، حتى بتنا القاع الذي تنتهي إليه مزابل الأمم ونفاياتها، مع الحث على التمسك بقيمنا وحمايتها من أي تأثير قد يصيبها من قيم الغرب الذي نقنع أنفسنا بأنه تعيس، ودون أن يشكو إلينا أحد في هذا الغرب أية تعاسة يعانيها.
وإذا كانت القيم الدينية وبالذات الإسلامية تفوق جميع القيم، فهل يعني ذلك أن كل الشعوب والأمم التي لم تعرف الأديان السماوية مثل «اليونان القدماء: الإغريق، والرومان والفرس والفراعنة والهنود الحمر والمايا والأنكا والهند وشرق آسيا كله» كلها كانت أمما بلا قيم؟ فهل يمكن تصور قيام تلك الحضارات الكبرى الباقية شواهدها حتى اليوم أعلاما للعالمين، دون نظام قيمي معتبر؟
Halaman tidak diketahui