تفسير سورة الفاتحة - ضمن «آثار المعلمي»

Abd al-Rahman al-Mu'allimi al-Yamani d. 1386 AH
9

تفسير سورة الفاتحة - ضمن «آثار المعلمي»

تفسير سورة الفاتحة - ضمن «آثار المعلمي»

Penyiasat

محمد أجمل الإصلاحي

Penerbit

دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٤ هـ

Genre-genre

وتعالى قد يجعل لبعض خلقه حقًّا في أن يُحمَد، فيُثني هو سبحانه عليه أو يأمر بحمده أو يأذَن فيه. فإن قيل: فهل يجعل الله ﵎ الحقَّ لغير المستحق؟ قلت: أما على إثبات الحكمة، فالجواب أن الله ﵎ إنما يجعل لبعض خلقه حقًّا في أن يُحمد إذا اقتضت حكمته ﷾ أن يجعل له ذلك، واقتضاء الحكمة لا أسمِّيه استحقاقًا. فإن أبيتَ إلا أن تسمِّيه فهو استحقاق لأن يجعل له حقًّا أن يُحمد. وليس ذلك باستحقاق لأن يُحمد، وإنما يستحق أن يُحمد بجعل الله ﷿ له حقًّا؛ على أنَّ الاقتضاءَ التامَّ لا يتخلَّف عن الجعل. وهذا كما تقول في التحريم مثلًا: إن الله ﵎ إنما حرَّم لحم الخنزير لاقتضاء حكمته تحريمَه، وإن اقتضاء الحكمة ليس هو نفسُه موجِبًا للحرمة، وإنما هو مقتضٍ لأن يحرِّمه الله، فلا يكون حرامًا حتى يحرِّمه الله ﷿. ثم تقول: إنه إذا تمَّ اقتضاءُ الحكمة للتحريم، فلابد أن يقع التحريم. ثم اختلف القائلون بهذا، فزعم بعض الناس أن الإنسان قد يدرك بعقله تمامَ اقتضاء الحكمة لتحريم شيء مثلًا، فيَعلم بذلك حكمَ الله تعالى بتحريمه، فيكون حرامًا عليه، لا لمجرد اقتضاء الحكمة، بل لقيام البرهان على أن الله تعالى حرَّمه. وأهل الحق على خلاف هذا القول، لقول الله ﷿: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥] وغيرها من الأدلة. ووجه ذلك أن العقل البشري لا يتهيأ له إدراكُ تمامِ اقتضاء الحكمة، ولكننا نقول: إذا تمَّ

7 / 82