ومضت حقبة كبيرة جدا، لعلها تقاس بملايين السنين، كان فيها الإنسان صيادا لا أكثر، ومعظم خرافاته جاءت من هذه الحقبة حين كان يستعين على الصيد بعقائد السحر والدين.
ذلك أن الصيد خطر، والصائد عرضه لأن يكون فريسة ما يصيد، ولذلك كان الخوف يعم الصائدين ويحملهم على التشبث بأية عقيدة تلهمهم بعض الاطمئنان.
وظهر حجاب المرأة في ذلك الوقت.
ذلك أن أشأم كلمة أيام الصيد كانت كلمة الدم؛ إذ هي تحمل معنى القتل، ولما كانت المرأة تحيض كل شهر كانت لذلك يحرم على الرجل الاقتراب منها أو حتى رؤيتها قبل الخروج للصيد حتى لا يتشاءم بالدم، وأصبحت المرأة «نجسة» أيضا، وتزداد نجاستها حين يغزر الدم كما في الولادة ومن الدم عرفت كلمة «دميم»؛ أي: الكريه الوجه.
وبقيت الشعوب التي تمارس الصيد تستنجس المرأة حتى حين ارتقت من الصيد إلى رعاية القطعان.
والصيد يؤدي إلى الرعاية.
فالصائد حين يصيد أنثى الوحش تبقى أطفالها معها حتى وهي ميتة. وقد يحملها الصائد إلى زوجته وأولاده، فتنمو وتكبر، ثم تكون تربية الحيوانات واستئناسها، ومضت قرون في رعاية القطعان والتنقل من مرعى إلى سهل، فظهر نظام القبائل واستبدل الإنسان الراعي الإيمان بإله واحد في كل مكان، بالسحر والشعوذة، ولكن هذا الإيمان بإله واحد، استحال بعد الزراعة، إلى الإيمان بالتعدد الوثني.
ثم عرفت الزراعة بعد ذلك، وقريبا جدا؛ إذ هي لا تزيد على 15 ألف أو 20 ألف سنة، والمرجح أنها نشأت في مصر؛ لأن انتظام الفيضان كان يحمل على التفكير، فيفهم الإنسان أن الماء هو الأصل في نمو النباتات، وجميع الآلهة المصرية القديمة هي آلهة الزراعة والماشية، فإن آمون يحمل قرنا «للماشية» وأوسير تخرج سنابل القمح أذنيه «للزراعة»، وهاتور البقرة «اللبن».
وباستقرار الإنسان على الزراعة ظهرت الحضارة؛ لأن الزراعة هي أولى درجات الحضارة؛ إذ هي اقتضت إيجاد حكومة للأمن العام، ثم ديانة للطمأنينة على الزرع، ثم صناعات زراعية ... إلخ.
ونستطيع أن نعين مراحل الارتقاء أو التطور البشري بهذه الأعلام التالية: (1)
Halaman tidak diketahui