Insan Dalam Quran
الإنسان في القرآن
Genre-genre
وقد ألم المؤلف بمشابهات عارضة بين مجمل الكلام عن الخليقة، وعن نكبات الإنسان في العصور الغابرة، كما جاءت في الآثار الأولى وفي كتب الأديان الباقية، وغاية ما نقوله عن توكيدات المؤلف وتخميناته معا، أن مسألة الإنسان المتحضر قبل عصور التاريخ ليست مما يهمل في سياق يعرض لتاريخ النوع الإنساني، ولمكان الإنسان من كتب الدين.
الإنسان ومذهب التطور
القائلون بالتطور فرقتان: منهم من يعمم تطبيقه على الكون كله بما اشتمل عليه من مادة وقوة، ومنهم من يقصره على عالم الكائنات العضوية التي تشتمل على النبات والحيوان والإنسان، ولا تحيط بما عداها من الموجودات غير العضوية.
والقائلون بالتطور العام يواجهون مسألة الخلق، أو مسألة الإيمان بالخالق في كلامهم عن العالم، وعن القوى المسيرة له من خارجه أو داخله، ولا مناص لهم من التعرض لهذه القوى برأي من الآراء.
فالذين يقصرون التطور على الأحياء يرجعون في تعليل تطورها إلى عوامل الطبيعة وما تشمله من مؤثرات البيئة والمناخ، وموارد الغذاء، ووسائل الحصول عليه، ولا يضطرهم القول بهذا التطور إلى التعرض لما وراء هذه العوامل الطبيعية بإثبات أو إنكار؛ فقد تكون عوامل الطبيعة في مذهبهم خاضعة لقوة عالية فوق الطبيعة، تودعها ما تشاء من النظم والنواميس، ولا يتناقض القول بالنظم الطبيعية عندهم والقول بما وراء الطبيعة، على حسب العقائد الدينية أو المذاهب الفلسفية.
أما تعميم التطور على الكون كله فلا بد أن يسبقه السؤال عن القوة التي تملك تسيير هذا الكون منذ الأزل إلى غير نهاية، ولا بد للقائل بتعميم التطور من الفصل في مسألة البداية والنهاية، وهي لا تنفصل عن مسألة الخلق والخالق في جملتها.
فإذا كان تطور الأحياء يرجع إلى عوامل البيئة الطبيعية، فماذا خارج الكون كله يرجع إليه تطور الكون منذ البداية الأولى؟ وكيف يتفق القول بالتطور والقول بالأبدية التي لا أول لها ولا آخر إذا قيل: إن الكون موجود بلا ابتداء ولا ختام؟
إن أشهر القائلين بالتطور العام هربرت سبنسر (1820-1903) الذي عرف التطور بأنه انتقال من البسيط إلى المركب، وقال عن تطور الحياة: إنه توفيق دائم بين مطالب البنية الحية وبين ظروفها الطبيعية، ولهذا يحدث التغير للبنية، ثم يحدث لها التوسع والامتداد، وتترقى في وظائفها تبعا لاتساعها وامتدادها.
وقد عرضت له قضية البداية الأولى فلم يدخلها في حدود الطبيعة، ولم يخرجها من حدودها، ولكنه قسم الحقائق الكونية إلى قسمين بالنسبة إلى المعرفة الإنسانية؛ أحدهما: حقائق الأشياء في ذواتها وفي أصولها الأولى، وهي القسم الذي لا يدرك ولا يتقبل الإدراك بالأساليب العلمية، والآخر: حقائق الأشياء في ظواهرها المحدودة، وهي التي يستطيع عقل الإنسان أن يدركها بالاستقراء والاستدلال، ويظهر فيها عمل التطور إما باستخراج الأحكام العامة من المشاهدات المتفرقة، أو بتفسير هذه المشاهدات على حسب تلك الأحكام.
وأصحاب هذا الرأي من القائلين بالتطور العام - على ترددهم في مسألة الأصول الأولى - لا يتجاهلون هذه الأصول، ولا يفوتهم أن القول بالتطور العام يوجب عليهم أن يرجعوا إلى المؤثرات الكونية التي تصدر منها الآثار المتغيرة، وتفسر لنا أسبابها، وأن إطلاق القول بالتطور من مبدأ الكون غير تخصيص التطور بالكائنات العضوية، وتفسيره بالرجوع إلى العوامل التي تحيط بتلك الكائنات، وتفعل فعلها أو تنفعل معها بمشاركتها، ولكن أصحاب التطور العام على مذهب سبنسر يسلمون بتلك المؤثرات الكونية، ويتركون البحث فيها عجزا عن الوصول إلى النتيجة، فيقفون بالمعرفة الإنسانية عند الآثار التي يدركونها، ويحجمون عما وراء ذلك فيسلكونه في عداد «المجهولات» التي لا تدرك بالحواس والعقول.
Halaman tidak diketahui