اعتكف إلَّا أبو بكر بن عبد الرحمن (١)، وأراهم تركوه لِشَدَّتِهِ (٢)؛ لأنَّ ليلَه ونهارَه سواء".
قال السُّيوطي (٣) في "التوشيح شرح صحيح البخاري":
_________
_
[الإِسعاف بتحشية الإِنصاف]
(١) قوله (إلَّا أبو بكر بن عبد الرحمن) (٣١): تعقَّب الحافظ ابن حجر في "الفتح" قول مالك: أنَّه لم يعتكف من السَّلف إلَّا أبو بكر بن عبد الرحمن، وقال: "لعله أرادَ صفةً مخصوصةً، وإلَّا فقد حكي عن غير واحد من الصَّحابة أنه اعتكف" (٣٢).
(٢) قوله (وأراهم تركوه لشدته): قال ابن بطَّال: مواظبةُ النبي ﷺ على الاعتكافِ يدلُّ على أنَّه من السُّنَنِ المؤكَّدةِ، وقد روى ابن المنذر عن ابن شِهَاب أنَّه قال: عَجَبًا للمسلمين تركوا الاعتكاف، والنبيُّ ﷺ لم يتركه منذ دخل المدينة حتى قَبَضَهُ الله تعالى. انتهى. وقد تَقَدَّم قولُ مالك: إنَّه لم يعلم أن أحدًا من السَّلف اعتكفَ إلَّا أبا بكر بن عبد الرحمن، وأنَّ تركهم لذلك لما فيه من الشدَّة، كذا في "الفتح" (٣٣) للحافظ.
(٣) قوله (السُّيوطي): هو مُجَدِّد المائة التاسعة خاتم الحفَّاظ، جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين الأَسْيوطي الشافعي، المتوفى سنة أحد عشر وتسعمائة، وتصانيفُه قد زادت على خمسمائة، وشُهرتُه تُغني عن وصفِهِ.
_________
(٣١) أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، الإِمام، أحدُ الفقهاء السبعة بالمدينة النبويَّة المنورة، أبو عبد الرحمن، والصحيح أنَّ اسمه كنيتُه، وهو من سادة بني مخزوم، وكان يقال له: واهب قريش. لكثرة صلانه، وكان مكفوفًا، توفي سنة أربع وتسعين بالمدينة. قال الذهبي: "كان أبو بكر بن عبد الرحمن ممَّن جمع العلم والعمل والشرف، وكان ممَّن خلف أباه في الجلالة".
"سير أعلام النبلاء" ٤: ٤١٦ - ٤١٩.
(٣٢) فتح الباري ٤: ٢٧٢.
(٣٣) فتح الباري ٤: ٢٨٥.
1 / 30