والتيسير للمطالب ونحو ذلك، وهذا عامٌ للمؤمنين، لا يمنع الإجابة إلا ما عُرف من أكل الحرام أو الدعاءِ بالقطيعة والآثام؛ بل قد أخبر الله تعالى أنَّه يجيب دعوة المظلوم وإن كان كافرًا؛ بل قال تعالى في خطاب المشركين: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنسَانُ كَفُورًا﴾ ١ وهذه للمشركين كما قال ﴿ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ وقال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ٢ إنَّما وسع القاصرون نطاق الكرامة قالوا: كلَّما كان معجزة للنبي ﵌ جاز أن يكون كرامة لولي، وأنَّه يقلب العصا حية ويخرج الناقة العشراء من الصخرة الصمَّاء٣، فهذا لا نقوله ولا كرامة، ولا دليل عليه ولا يقول الإمام أبو إسحاق الإسفرايني، وقد قال ابن السبكي إنَّه يستثنى مثل هذا ويقيد به الإطلاق٤.
_________
١ سورة الإسراء، الآية ٦٧.
٢ سورة يونس، الآية ١٢.
٣ والتحقيق في هذا أنَّه ليس كلُّ ما كان من آيات الأنبياء يكون كرامة للصالحين، بل إنَّ آيات الأنبياء ﵈ التي دلَّت على نبوتهم هي أعلى مما يشتركون فيه هم وأتباعهم مثل الإتيان بالقرآن، ومثل الإخبار بأحوال الأنبياء المتقدمين وأممهم، والإخبار بما يكون يوم القيامة وأشراط الساعة، ومثل إخراج الناقة من الأرض، ومثل قلب العصا حيَّة، وشقّ البحر، ومثل أن يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله، وتسخير الجنّ لسليمان. انظر: النبوات لابن تيمية (ص:١٦٩) .
٤ ونص: كلام ابن السبكي تقدم (ص:٦٦) .
1 / 76