الاتفاق عن علماء الإسلام قاطبة، والواجب على من يريد أن يتكلم أن يتحرى الصدق في مقاله، سيما في مسائل العلم والنسبة إلى العلماء.
ثم تعليله لهذه الدعوى بأنَّ معجزات نبينا محمد ﵌ لا تنحصر، ومنها كرامات الأولياء. فجعل الكرامات بعضها من المعجزات، وهذا جهل أو تجاهل بحقيقة المعجزة، فإنَّ للمعجزة شروطًا خمسة١: ثالثها أن تكون عقيب دعوى المدعي للنبوة٢ وهذا معلوم قطعًا أن لايكون شرطًا في الكرامة، إذن لكان الولي نبيًا٣، والغرض أنَّه ولي، وكأنَّه يريد أن الكرامة كالمعجزة من حيث إنَّها دلت على صدق الرسول حيث وقعت على يد بعض من اتبعه فدلت على صدقه كما قال: الدال على صحة نبوته. وهذه الدلالة لا أدري لمن تكون، إن كانت للولي الذي حصلت له الكرامة فالغرض أنَّه قد آمن بالرسول صلى الله عليه وآله سلم وصارت نبوته عنده قطعية وصحتها لديه ضرورية وإلا فما قد كمل
_________
١ في (أ) "خمسًا".
٢ بل هذا الاشتراط لا دليل عليه ولا أصل له، يقول شيخ الإسلام ﵀: "والذين قالوا من شرط الآيات أن تقارن دعوى النبوة غلطوا غلطًا عظيمًا، وسبب غلطهم أنَّهم لم يعرفوا ما يخص: الآيات، ولم يضبطوا خارق العادة بضابط يميز بينها وبين غيرها، بل جعلوا ما للسحرة والكهَّان هو أيضًا من آيات الأنبياء إذا اقترن بدعوى النبوة، ولم يعارضه معارض، وجعلوا عدم المعارض هو الفارق بين النبي وغيره، وجعلوا دعواه النبوة جزءًا من الآية فقالوا: هذا الخارق إن وُجِد مع دعوى النبوة كان معجزة، وإن وُجِد بدون دعوى النبوة لم يكن معجزة، فاحتاجوا لذلك أن يجعلوه مقارنًا للدعوى ... " النبوات (ص٣٢٢)، وانظر أيضًا النبوات (ص١٥١ وما بعدها) .
٣ وعلى هذا بنى هؤلاء إنكار كرامات الأولياء؛ إذ هذه الطريقة عند المتكلمين هي أتمّ الطرق التي يقرِّرُون بها نبوة الأنبياء، ولأجلها التزموا إنكار كرامات الأولياء؛ لظنِّهم أنَّ النبوة لا تُعرف إلا بالمعجزة.
1 / 74