68

Inqilab Uthmani

الانقلاب العثماني

Genre-genre

وكان السر خفية يقرأ والسلطان مطرق يتلهى بالتدخين وعروقه تنتفض من الغيظ، فلما أتى السر خفية على آخر الفقرة أظهر السلطان الاستخفاف وقال: «إنهم سلكوا الآن مسلكا جديدا، ولكنهم لا يفلحون ... كلهم رازحون تحت استبداد واحد؟! سيبقون تحت تلك الأثقال إلى ما شاء الله . أهكذا يفعل أبناء الدولة الصادقون؟! تبا لهم! ولكن الدواء عندي. ماذا ترى؟»

فقال: «أرى ما رآه أمير المؤمنين، وقد تفضل الساعة فقال إن الجمع بين هذه العناصر مستحيل، ولا سيما أن كل عنصر يحقد على العناصر الأخرى و...»

فقطع السلطان كلامه قائلا: «تبا لهم! كيف يجمعون هذه العناصر؟! بل كيف يجمعون بين المسلم والمسيحي واليهودي، والمسلمون طوع إرادتي أنا خليفة النبي

صلى الله عليه وسلم

ولا يفعلون غير ما أريده، ليس في مملكتي فقط بل في سائر أنحاء العالم؟! كأنهم يحسبون المسلمين قد مرقوا من دينهم كما فعلوا هم.» وضحك وعاد إلى التدخين، وتناول سيكارا دفعه إلى السر خفية فتناوله وقبله ووضعه في جيبه، وأدرك من ذلك أن السلطان يستحث غيرته لينبه قريحته لاختراع حيلة لمقاومة تلك المساعي، فأطرق هنيهة ثم قال: «إن رأي مولاي البادشاه فوق كل رأي، ولكني أستأذنه في كلمة.»

قال: «قل، إني أحب آراءك وأعتقد محبتك، فأنت صديقي الوحيد لا أعول على سواك، ونحن شركاء في الأمر لأن ما يمس الدولة يمسسك وما ينفعها ينفعك. هل نترك أولئك الأغرار يغلبوننا بصياحهم وعندنا السلطة الدينية والسياسية وعندنا الأموال ...؟» قال ذلك بلحن التهديد.

فسر السر خفية بذكر المال وقال: «إني أرى أن يكون الجزاء من جنس العمل، هم يحاربون الدولة بجمع العناصر ونحن نحاربهم بتفريقها، ولا وسيلة لذلك أنفع من الدين.»

فقال السلطان وهو يحك ذقنه بسبابته: «أصبت. هكذا الأمر.»

فقال: «هم يزعمون لأوروبا أنهم جميعا مظلومون، ويسعون في تفهيم الرعايا أن الوسيلة الوحيدة لخلاصهم أن يجتمع المسلم والمسيحي، وسنبين للمسلمين أن هذه المساعي إنما يراد بها ضياع دينهم وإدخالهم في زمرة الكفار ...»

فقطع السلطان كلامه بقوله: «حسنا، إن شعبي المؤمن شديد الغيرة على الإسلام. وأزيد على ذلك أن السير على هذه الضلالات والإصغاء إليها يقود إلى خروج نساء المسلمين حاسرات الوجوه كنساء الإفرنج الكفار، وأنا أعلم تمسك عامة المسلمين بالحجاب.»

Halaman tidak diketahui