88

الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام

الإعلام بحرمة أهل العلم والإسلام

Penerbit

دارُ طيبة - مَكتبةٌ الكوثر

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

Lokasi Penerbit

الرياض

Genre-genre

ثم ينصبون مشانق التجريح لإلغاء الثقة في علماء الأمة، ويتعاطون غيبتهم، ويتداولونها، ويُدار عليهم بها كما يدار بكأس الماء على العطشى فمقل ومستكثر. وقد حفظت لنا كتب التراجم سِيَرَ أفذاذ من الرجال بادروا الأوقات، واستدركوا الهفوات، فالعين مشغولة بالدمع عن المحرمات، واللسان محبوس في سجن الصمت عن الهلكات، والكف قد كفت بالخوف عن الشهوات، والقدم قيِّدت بقيد المحاسبات، والليل لديهم يجأرون فيه بالأصوات، فإذا جاء النهار قطعوه بمقاطعة اللذات، حفظوا الله فحفظهم، وطهر ألسنتهم من آفة الغيبة المهلكة، فكانوا يجتنبونها كما يجتنبون النجاسات، ولا يسمحون للغيبة أن تدار في مجالسهم، كما لا يسمحون لكئوس الخمر أن تدور فيها، وهاك بعضًا منها على سبيل المثال لا الحصر: امتدح حسان بن ثابت ﵁ أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ﵄، فقال: حَصانٌ (١) رَزان (٢) ما تُزَنُّ (٣) بريبةٍ ... وتُصبحُ غَرثى (٤) من لحومِ الغوافلِ (٥) وقال الأحنف بن قيس: " ما ذكرت أحدًا بسوء بعد أن يقوم من عندي " (٦). وعن مسلم البَطين، عن سعيد بن جبير، أنه كان لا يدعُ أحدًا

(١) حَصَان: محصنة عفيفة. (٢) رَزان: كاملة العقل. (٣) ما تُزَنُّ: ما تُتهم. (٤) غرثى: جائعة، أي لا تغتاب الناس، لأنها لو اغتابتهم شبعت من لحومهم. (٥) الغوافل: هن الغافلات عما رُمين به من الفواحش -وهذا البيت ثابت في " الصحيحين " رواه البخاري برقم (٤١٤٦)، ومسلم (٢٤٨٨). (٦) " صفة الصفوة " (٣/ ١٩٩).

1 / 90