Dua Wanita dalam Satu Wanita
امرأتان في امرأة
Genre-genre
حين احتواها سريرها في تلك الليلة ظنت أن الذي حدث لم يكن إلا حلما، وأنه لم يكن حلما فلا بد أنه حادث طارئ اعترض حياتها العادية بغير إرادتها كحوادث القضاء والقدر، وأنها عادت بقدرة قادر إلى مكانها المعهود في سريرها، وجسدها صحيح بكامل أجزائه وحدوده الخارجية المألوفة.
ولكن بعقل آخر شيطاني كانت تدرك أن هذا الحادث الطارئ هو الشيء الوحيد الحقيقي في حياتها. إنه ليس طارئا، وليس حلما، وليس قضاء وقدرا، وليس صدفة ولكنه الشيء الوحيد الذي فعلته بإرادتها، الشيء الوحيد الذي أرادت أن تفعله.
حياتها كلها ليست من فعلها، وليست بإرادتها. فأمها هي التي ولدتها، وأبوها هو الذي أدخلها كلية الطب، عمتها المريضة بالصدر تريدها أن تتخصص في الأمراض الصدرية، خالها يريدها أن تكون طبيبة ناجحة ينهال عليها مال المرضى وتتزوج ابنه خريج التجارة، فتربح فلوسها من تجارته، وينجبان أطفالا يرثون ثروتهما ويحملون اسمه واسم أبيه وجده.
كل واحد منهم كان يقول لها ماذا يريده، لكن أحدا منهم لم يسألها ماذا تريد هي؟ والحقيقة أنها لم تكن تريد شيئا مما يريدونه هم، لم تكن تريد أن تكون طبيبة، وبالذات طبيبة أمراض صدرية، كانت ترى طوابير المرضى بالدرن الرئوي كالهياكل البشرية، وأطباء الأمراض الصدرية أجسادهم ممتلئة سمينة مترهلة، ولم تكن تحب عمها، ولا ابنه خريج التجارة، كان شابا وسيما في نظر الأسرة كلها، فهو طويل ممشوق، أبيض البشرة، متورد الخدين، عيناه تلمعان بالصحة والسعادة، وملامحه بريئة براءة الأطفال، وكأنه لا زال يرضع لبن أمه، ويبتسم للجميع ابتسامة سعيدة.
كانت تكره ابتسامته وسعادته، تقابلهما بتكشيرة وشفتاها مزمومتان في غضب، لكنه لم يكن يغضب ويظن بطريقة بلهاء، أو بغرور الرجال الأغبياء، أنها تخفي إعجابها به تحت هذه التكشيرة، ويقول لها بصوته المسطح: «أنا أفهم البنات، البنت تقول لا لكن قلبها يقول أيوه.»
لو كانت تملك إرادتها لبصقت في وجهه، لكنها لم تكن تفعل أي شيء بإرادتها، وحينما ترى أباها يبتسم له تبتسم هي الأخرى وتقول: «من قال لك إنني بنت.»
كانوا قد تعودوا أن يسمعوا منها هذا السؤال، لم يكن يغضبهم، بل بالعكس كان أبوها يغتبط بعض الشيء، كأنما يفخر بشعور خفي أن ابنته ليست بنتا، أو يتمنى في قرار نفسه ألا تكون بنتا. كانت تعرف أن أباها صادق في غبطته، وأنه كان يريدها ذكرا، لكن أمها أرادت شيئا آخر وولدتها أنثى، أو لعلها لم تكن أمها، وإنما هي الصدفة المحضة التي جعلتها أنثى.
كلمة أنثى كانت حين تصل إلى سمعها ترن في أذنيها كالسبة، أو كالعورة العارية، كأول عورة رأتها في حياتها. كانت تخجل حين تخلع ملابسها في الحمام، ولا تستطيع النظر إلى جسدها العاري في المرآة، وحين تقترب أصابعها من عورتها وهي تستحم تبعدها بسرعة كمن مست يده منطقة مكهربة أو محرمة. يد أمها حين ضربتها وهي طفلة لا زالت على يدها، آثار أصابعها الكبيرة محفورة في ذاكرتها، ثابتة فوق الجلد كالوشم، وصوتها لا زال في أذنيها يردد: «تحرمي، قولي حرمت.» ولم تنطق كلمة حرمت ، ولم تحرم، فما الذي يمكن أن تكون في تلك المنطقة المحرمة؟ وبأصابع مرتجفة كانت تفحص جسمها، تحس بطريقة ما أن شيئا خطيرا يكمن في تلك المنطقة المحرمة، لا تستطيع أن تلمسه، ولا تستطيع أن تراه بعينيها، لكنه موجود. تحسه عن يقين حين تحرك ساقيها، وترتعش أصابع أمها حين تقترب منه وهي تغسل لها جسدها. شيء لا بد خطير ومخيف. لكنها تحمله في جسدها، كجزء منها، لا يفارقها. أحيانا تنساه وتظن أنه خرافة من الخرافات التي ملأت رأسها وهي طفلة، وأحيانا أخرى يصبح حقيقة مؤكدة وعارية، كالسلك الكهربي ما إن تلمسه حتى ينتفض جسمها انتفاضة قوية. •••
بهية، رن صوت أبيها في أذنيها كطلقة الرصاص. كصوت الحقيقة الوحيد، أدركت معه أنها بهية شاهين طالبة الطب المجدة، حسنة السير والسلوك، العذراء الطاهرة، التي لم يمسها بشر، والتي خلقت بغير أعضاء جنسية.
شدت الغطاء فوق رأسها وتظاهرت بالنوم، لكنها سمعت وقع قدمي أبيها في حجرتها تقترب من سريرها، وأصابعه الكبيرة ترفع الغطاء عن رأسها، وعيناه تحملقان في عينيها، ويكتشف مصعوقا أنها ليست بهية شاهين، وليست ابنته، وليست مهذبة ولا مطيعة ولا عذراء، وأنها خلقت بأعضاء جنسية، واضحة ومرئية، مرئية من تحت الغطاء، ومن تحت الملابس، ليست مرئية فحسب، ولكنها متحركة أيضا، كحركة الحياة، نابضة كنبض القلب، أزاحت في حركتها الحاجز الذي كان أمامها، ومزقت الغشاء الذي كان يفصل بينها وبين الحياة، غشاء رقيق غير محسوس وغير مرئي، كلوح من الزجاج يفصلها عن جسدها، ويقف بينها وبين حقيقتها، شفاف كالزجاج ترى من خلاله نفسها، ولكنها تعجز عن لمسها أو الإحساس بها. كالزجاج تماما معرض للكسر عند أي حركة، وأي قفزة.
Halaman tidak diketahui