جرت الآنسة بروستر على الفور بسرعة إلى غرفتها. وسرعان ما كانت البرقية الخاصة بالمناجم أمامها وقد احتسب عدد كلماتها، وقد كانت على الطاولة العملات الفضية والذهبية التي ستكون مقابل إرسالها. وعزمت ألا تتعرض لاحتمال تأخر وصول الرسالة بجعلها ترسل إلى وكالة خاصة بتوزيع الرسائل التلغرافية. ثم كتبت بأقصى سرعة لها سردا موجزا ومعبرا بشدة للكارثة التي حلت بسفينة «كالوريك». إذا كان هذا السرد مبالغا فيه قليلا، فما كان لدى الآنسة بروستر من الوقت لتعديله. إن الوصف التصويري والدرامي هو ما كانت تطمح لتقديمه. كان قلمها يسير فوق الورق بسرعة شديدة، وكانت تنظر من حين لآخر، عبر نافذة غرفتها، لترى القارب الذي سيستخدم في محاولة الوصول إلى الشاطئ الأيرلندي وهو يتدلى من الحبال. وحيث إنها كانت تستطيع رؤية كيف كانت تتقدم الاستعدادات للرحيل، فقد تباطأت أكثر مما كانت ستفعل لو كان الأمر غير ذلك، وأخذت تضيف السطر تلو السطر إلى الرسالة التي تسرد قصة الكارثة. وفي النهاية، رأت الرجال يأخذون مواقعهم في القارب الطويل. عدت بسرعة الكلمات في الرسالة الجديدة التي كتبتها، وأخرجت بسرعة من حقيبتها العملات الذهبية المطلوبة لإتمام إرسالها. ثم وضعت الرسالتين في ظرف وأغلقته، وجمعت كومتي العملات الذهبية في كومة واحدة بعد أن عدتهما ثانية بسرعة، ثم ألقت نظرة سريعة على القارب الذي كان لا يزال بلا حراك، وأمسكت بالعملات الذهبية في يد، والظرف باليد الأخرى، ووقفت على قدميها، ولكن ما إن قامت بهذا، حتى أطلقت صرخة قوية وتراجعت خطوة للوراء.
كانت إديث لونجوورث تقف وظهرها للباب. عندما دخلت الغرفة، لم تكن الآنسة بروستر تعرف أنها فعلت، لكن قلب الأخيرة دق بسرعة عندما رأى الفتاة واقفة في صمت هناك، كما لو أنها قد طلعت من تحت الأرض.
سألتها: «ما الذي تفعلينه هنا؟»
قالت الآنسة لونجوورث: «أنا هنا لأنني أرغب في الحديث معك.» «أفسحي الطريق؛ ليس لدي الوقت الكافي الآن للحديث معك. لقد أخبرتك أنني لا أريد أن أراك ثانية. لقد قلت لك أفسحي الطريق.» «أنا لن أفسح الطريق.» «ماذا تقصدين؟» «أقصد أنني لن أفسح الطريق.» «إذن سأدق الجرس وأجعلهم يطردونك من هنا لوقاحتك.»
قالت إديث بهدوء، واضعة يدها على اللوحة الخزفية البيضاء التي يوجد في وسطها زر الكهرباء الأسود: «أنت لن تدقي الجرس.» «هل تريدين أن تقولي لي إنك تنوين منعي من مغادرة غرفتي؟» «أريد أن أقول لك هذا بالضبط.» «هل تعرفين أنك يمكن أن تحبسي لمحاولتك القيام بمثل هذا الشيء؟» «أنا لا يهمني هذا.» «أفسحي الطريق، أيتها الوضيعة، وإلا سأضربك!» «أريني ماذا ستفعلين.»
للحظات، وقفت الفتاتان هناك، الأولى غاضبة ومهتاجة، والثانية تبدو هادئة وظهرها قبالة الباب ويدها موضوعة على الزر الكهربي. أوضحت نظرة عبر النافذة للآنسة بروستر أن الضابط قد صعد على متن القارب وأنهم قد بدءوا ينزلون القارب بثبات. «دعيني أمر، أيتها ... أيتها الحقيرة!»
ردت إديث لونجوورث، التي كانت تنظر أيضا إلى القارب وهو يتأرجح في الهواء: «حين يحين الوقت المناسب.»
رأت جيني بروستر على الفور أنها إذا تشابكت بالأيدي مع الفتاة الإنجليزية، فلن تكون لديها أي فرصة للتغلب عليها، حيث إنها من كل الوجوه أقوى منها بدنيا. كان في إحدى يديها الظرف وفي الأخرى العملات الذهبية. وضعت الاثنين في جيبها الذي وجدته بعد بعض التحسس. ثم رفعت صوتها مطلقة واحدة من أقوى الصرخات التي سمعتها إديث لونجوورث في حياتها. وكما لو كان ردا لهذا الصوت الذي يصم الآذان، جاء من السفينة صوت هتاف عال ومدو. نظرت الفتاتان لرؤية مكان القارب، لكنه لم يكن مرئيا. كان العديد من الحبال متدليا أمام النافذة. صعدت الآنسة بروستر على الأريكة، وبيديها الصغيرتين أدارت المسمار الذي كان يبقي النافذة مغلقة.
نظرت إديث لونجوورث إليها دون القيام بأي محاولة لمنعها من فتح النافذة.
فتحت جيني بروستر الدائرة النحاسية الثقيلة التي كانت تبقي الزجاج الأخضر الثقيل في مكانه، ومرة أخرى، أخذت تصرخ بأعلى صوت لديها، وتصيح: «النجدة!» و«محاولة قتل!»
Halaman tidak diketahui