Wanita dari Kampung Kdis
امرأة من كمبو كديس
Genre-genre
كنت أرقب كل شيء بحذر ولكني لم أحاول أن أفسر ما حدث ولم تكن لدي الرغبة في ذلك وانطلقت المجروس - الشاحنة العسكرية العملاقة - مخلفة وراءها غابة من الغبار وأخذ الغبار يهبط على رأسي وأنا جالس على الأرض متخفيا خلف قطية صغيرة حتى لا يراني السائق أو الملازم حديث التخرج المتغطرس بالمرآة، وعندما تأكدت تماما من أنه ليس بالإمكان رؤيتي خرجت من خلف القطية وذهبت نحو الشجرة التي كان الشيخ يجلس تحتها، ولم أجد أي أثر يدل عليه ، نعم كانت هناك بقايا ماء على الأرض حيث يبدو أنه توضأ، ولكن هي لحظات فقط، ليست أكثر من دقيقة واحدة؛ بل ما يزال جعير المجروس مسموعا وغباره يغرق المكان. وأخذت أصرخ وأنادي بأعلى صوت: أيها الشيخ ... أيها الشيخ ... أيها الشيخ ... ولكن ليس من مجيب.
أخذت أبحث عنه داخل المنازل المهجورة فلم أجد سوى الكلاب والتي ذعرت لرؤيتي، حيث إنها لم تر إنسانا حيا منذ سنوات مضت، كانت الكلاب المتوحشة تنبح خلفي وتحاول عضي وإعاقتي، كانت القطط تخرج هاربة من القطاطي المهجورة فزعة، خرج ضبع كبير من إحدى الحجرات المهجورة وهرب، فهربت خلفه الكلاب حيث تركتني بحثا عن فريسة سوف تصبح أكثر إشباعا، كانت القرية خلاء، في الحق أصبت بهلع شديد وأنا رجل أعزل؛ حيث تركت البندقية على صندوق العربة حتى لا يجدوا في البحث عني من أجل البندقية هكذا تعلمنا: البندقية أهم من الجندي - اترك بندقيتنا عندنا واذهب إلى الجحيم وحدك.
كانت الساعة تشير إلى الثالثة مساء وأنا ما أزال أنادي وأبحث عن الشيخ طالبا منه - بصراخ حاد - أن يأتي إلي؛ لأنني أؤمن به وأريد أن أصبح له تلميذا وخادما وحواريا، إنني سوف أنفق ما تبقى لي من عمر في خدمته، لقد وجدت الآن طريق الله ولن أتخلى عنها أبدا، جلست تحت الشجرة ذاتها حيث كان يجلس، كنت تعبا مرهقا وخائفا أيضا، الشمس الآن تذهب نحو المغيب وبالقرية لا شيء سوي الكلاب المتوحشة والذئاب وربما الأشباح أيضا، نعم أنا شخص مادي ولا أومن بهذه الأشباح، ولكن الآن آمنت، هناك أمور أعرفها بالباراسيكلوجي والميتافيزك، نعم، هل لبنية عقلي المادية الصرفة أن تؤمن بأن هناك نفرا من بيننا يمكنهم فعل أشياء خارقة للطبيعة؟
أناس يتواجدون حيثما شاءوا وكيفما أرادوا؟ أناس لديهم سلطان على العلم نفسه، العلم الصرف، يمنعون متحركا من الدوران؟ يمنعون بندقية من أن تطلق النار؟ يختصرون الأميال في خطوة، الآن لا شيء فوق مقدرة هذا الإنسان! أعرف أنه لا عربة سوف تأتي بهذا الطريق، وأنني لا محالة مأكول، إما أن تتعشى بي الكلاب أو الذئاب وربما القطط المتوحشة والتي رأيتها بأم عيني تأكل بعضها، قرب الشجرة قطية قديمة، درت حولها، لها باب قديم من الزنك، قمت بدفع الباب ببطء، داخل الحجرة عنقريب كبير يملأ معظم المكان، به هيكلان عظميان لطفلين، أغلقت الباب بسرعة وهربت، جريت بأسرع ما أستطيع على الشارع الترابي الوعر، كنت لا أعرف إلى أين أنا ذاهب، المهم كنت أحس بالطمأنينة كلما ابتعدت عن هذا المكان المرعب، والشمس تذهب بعيدا نحو الغروب: يا أيها الشيخ، أين أنت؟
كان فمه يرتجف وعيناه تزدادان اتساعا كلما بعدت الشمس عنه ولا أحد، كانت القرية تمضي بعيدا عني، بعيدا، بعيدا، إلى أن اختفت أخيرا، توقفت، قرأت المكان من حولي، الشمس كانت خلف ظهري، إذا أسير شرقا، فإذا واصلت السير ولم يعقني عائق ولم يتفجر تحت رجلي لغم فإنني سأدخل الحدود الإرترية بعد مسيرة عشر ساعات، ولكن لماذا لم أنتبه بأن هنالك ألغاما مزروعة بين هنا وهناك ولا أحد يعرف كيف يتجنبها، الآن أحسست بالرعب الحقيقي؛ لأنني إذا خرجت حيا من هذا الحقل سأعتبر نفسي وليا ورجلا صالحا يأتي معجزات ذلك الشيخ الغريب.
وهنا أخذ العرق يتصبب على وجهي وبين فخذي وتحت إبطي، وأخذت أمشي كالحرباء واضعا رجلا على الأرض في خفة وبعد تردد أسحبها، إنه سوء تصرف من جانبي، جعلني أترك الشاحنة المجروس تمضي بدوني، لماذا لم أتريث؟ نعم، إذا تركت هذا جانبا، لماذا عندما هربت من الهيكلين العظميين لم أتخذ طريق المجروس، وهي الطريق الوحيدة الخالية من الألغام، والغريب في الأمر أنني كنت حارسا للمهندسين العسكريين الذين قاموا بزراعة الألغام حول هذه القرية ألف لغم شخصي مغطاة بالبلاستيك حتى لا تتمكن أجهزة العدو النازعة للألغام اصطيادها، ولكن لا ذنب لي، فقد كنت مجرد منفذ للأوامر وأنا في داخلي وصميمي ضد هذه الحرب وقتل الإنسان؛ لأنه لا خصومة لي مع أحد ولا معرفة لي بالذي أحاربه، فكيف أقتله؟
كان يمشي كالحرباء، تماما كالحرباء ...
والشمس تجري لمستقر لها ، وحيد خائف ومتردد، قد ينقذه فجأة في الوقت المناسب، نعم، هكذا في القصص والأحاجي وكتاب الطبقات، فإن الأولياء يتدخلون لإنقاذ مريديهم في اللحظات الحاسمة، وأنا أثق في هذا الرجل، إنه رجل صالح ... إنه رجل صالح، إن لم يكن نبي الله الخضر ذاته! والذي يتجول في العالم منذ بدء الخليقة إلى أن يرث الله الأرض وما عليها ناشرا الحكمة والمعرفة بين الناس، من أدراك؟!
ليته عرف من جدته عنه الكثير، لكن وعلى حقيقة القرية المهجورة والقطاطي المسكونة بالهياكل العظمية والقطط التي تأكل بعضها، فكر في الشيخ نفسه، قد يكون شبحا من الأشباح من أدراك؟!
ما كان يؤمن بالبعاتي واعتبره ظاهرة ورثها المجتمع السوداني أو المخيلة السودانية من النوبة أجدادهم قبل ستمائة ألف سنة قبل الميلاد، حيث كانوا يؤمنون بأن لكل إنسان في هذا العالم كا وبا وهذا الباء هو صنو الإنسان، وعندما يموت الأخير يكون الصلة بينه وبين الآخرين في الحياة الدنيا وأنه نسخة عنه، والآن أنت محاصر، الموت تحت أقدامك، ألغام الموت حولك، ذئاب وكلاب وقطط متوحشة، الموت من حيث لا تدري أشباح، ورغم كل هذا كنت متفائلا بأنني لن أموت، قد تعود الشاحنة المجروس للبحث عني إذا افتقدني أحدهم، ولكن يا ترى بماذا همس السائق في أذن الملازم! لا، لا، إنه رجل طيب وصالح، أنا أثق به أنه ليس ب «كا» ولا ب «رجل صالح» وسينقذني! بل سيتخذني حواريا له.
Halaman tidak diketahui