Wanita dari Kampung Kdis
امرأة من كمبو كديس
Genre-genre
ولو أنني بدأت أحس بالغثيان وربما نتيجة المضايقة التي سببها لي السائل - والذي أخذ يخر على ساقي - يغمرني شعور أنه سيلان من الدم، كنت أتحسسه بين الحين والآخر بأناملي آخذا عينة منه لأتفحصها بنظرة سريعة ثم أمسحها على بنطلون الكاكي - في الحقيقة ما كنت أرى ما بأصبعي - إلا أنه بعد تلك الحادثة نفذت إعداما شرعيا في سيدة وثلاثين رجلا، وكانوا يموتون بصورة لا تتعدى المضحكة العادية والمتعة الجنسية المعروفة، ما عدا رجل واحد اسمه «تومي كريستو».
في السابع من مايو 1985م رقيت إلى رتبة عميد وتسلمت قيادة جبهة الحرب الشرقية على مشارف مدينة تسني الإستراتيجية يحيط بنا جيش المتمردين من جهة الشمال والأحباش من الجنوب والإرتريون من جهة الشرق، يعني كنا في وضعية ما نسميه بالكماشة. وضع مثل هذا يحتاج إلى رجل حاسم وشجاع ليس لكي لا يسقط المعسكر؛ فإن المعسكر لن يسقط، نحن نعرف إستراتيجية حرب العصابات، إنهم يهدفون إلى تكبيدنا أكبر خسائر ممكنة في الأرواح والعتاد، فلو أخلينا المعسكر - وهو أكبر معسكر لنا بالشرق - فإنهم لن يستولوا عليه، يجب أن يبقى مصيدة، يجب أن تبقى به آليات ويبقى به عساكر ومؤن كموضوع لشغبهم.
ولكن على قائد الجبهة أن يتخذ إستراتيجية دفاعية هجومية، ذات أقل خسائر ممكنة، ويسميها العسكريون القدامى: «سهر الدجاج ولا نومه»، فإذا هاجمنا العدو ندافع عن أنفسنا، وإذا لم نهاجم رميناهم بالمدفعية الثقيلة والمقذوفات الصاروخية ونحن في موقعنا تحت دفاعاتنا، أما جواسيسنا ومصححو نيراننا فقريبون من مواقعهم، بالتالي جواسيسهم ومصححو نيرانهم يتسكعون بالقرب منا؛ لذا عندما قبضنا على «تومي كريستو» قرب همدهئييت لم يكن سهلا أن نصدق ادعاءه بأنه رجل مريض يبحث عن أعشاب السنمكة - كانت بالفعل لا تنبت إلا على منخفض صغير قرب المعسكر - وهذا الرجل أدخلني في تجربة غريبة وغامضة ومؤذية جدا، ما زلت أعاني من آثارها إلى اليوم، وما زالت تنط إلي وعلي كلما شرعت في القيام بتنفيذ عملية شرعية، ولو أنني لا أعتبرها سوى مؤامرة بذيئة قام بها الشيطان ضدي أنا بالذات - وأنت تعرف مكائده - أقل منها إشارة إلهية ليست في صالحي.
بالعكس أنا رجل تقي جدا وأعتبر نفسي داعية دينيا أفشي المعرفة الدينية بين من أقودهم، ضف إلى ذلك ميولي الإنسانية العميقة - ولقد أبديت أنت ذات مرة ملاحظة تشير إلى هذا الأمر - ويدل على ذلك تبرعي السخي المتواصل للمنظمة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، ويدل ذلك إحساسي بالغثيان إثر تنفيذ كل عملية شرعية، كما لو أنني ابتلعت ذبابة كبيرة.
ويدل على ذلك بحثي المستمر عن عقوبة أقل من الموت وبإمكانها إسكات الخصم أو تحييده للأبد، ويدل على ذلك اكتشافي لطريقة سهلة للعملية الشرعية؛ حيث لا يتألم المحكوم عليه كثيرا؛ لأنها تؤدي إلى الموت الفوري، وهي إطلاق النار في منتصف الرأس بالضبط، وأتمنى من منظمات حقوق الإنسان ومن المشرعين الأمريكيين أن يأخذوا بها كأسلوب أمثل وأكثر إنسانية من غيره في تنفيذ أحكام الإعدام في سجون العالم.
أستاذي جلال
أنا لا أحب أن أتحدث عن نفسي كثيرا؛ فأنا من أولئك القلة من الرجال الذين لا يجيدون ولا يحبون أن يعرفهم الناس بواسطة ألسنتهم، فلن أخوض في ذلك، دعني أكتب لك عن تلك المؤامرة الشيطانية الغامضة بقيادة من يدعى ب «تومي كريستو».
جاء حرس الدورية برجل فوق الخمسين بقليل، قالوا: إنهم وجدوه يتمشى بالقرب من معسكر همدهئييت، وادعى بأنه مريض ... إلخ، وقد تعلمنا من التجربة ألا نثق في كل ما يقوله المعتقلون ولا حتى في القليل المنطقي منه، قام عساكر الاستخبارات في التحقيق معه مستخدمين - من أجل التوصل للحقيقة، مع العلم بأنها قد تكون في صالحه - كل ما تعلموه في الدورات التدريبية وما استحدثوه هم بأنفسهم، ولكن ظل الرجل على ادعائه، فاعتبر جاسوسا جيد التدريب، فكثير من جواسيس المتمردين يأخذون جرعات عالية ومتقدمة في الخارج، واعتبر أيضا من ذوي الرتب العسكرية العالية. وجيء به إلي كدليل على اليأس وفقدان الأمل في التوصل إلى معلومة مفيدة منه بالرغم من أنهم خلعوا ثلاثة من أظافر رجله وثلاثة من أظافر يده اليسرى، وانتزعت كل رموش عينيه حتى بدا شكله مثيرا للإشفاق والضحك معا، سألته: أنت جاسوس؟
قال - وهو يرتجف من الإعياء: لا، أنا رجل مواطن عادي، كنت أفتش عن سنمكة عشان أتعالج بها، وناس الحلة كلهم عارفني، حلة ضبابين. - حلة ضبابين المحتلنها المتمردين؟ - أيوا، ولكن نحنا مواطنين ما عندنا أي علاقة بالمتمردين نحن همنا في عيشنا وأولادنا. - كويس، لو كنت مواطن ما عندك علاقة بالمتمردين ليه ما جيت وانضميت لجيش الحكومة عشان تحرر بلدك منهم؟!
قال - بعد أن بصق في الأرض شيئا لم أتبينه في حينه، ولكني عرفت فيما بعد أنها إحدى أسنانه: الحرب يقوم بيها العساكر ونحن المدنيين ما عندنا معرفة في الحرب، نحن للزراعة والحصاد.
Halaman tidak diketahui