Impact of Text Justification on Its Meaning
أثر تعليل النص على دلالته
Penerbit
دار المعالي
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
Lokasi Penerbit
عمان
Genre-genre
والوجه الثاني: هو أنه من الخطأ استخلاص قاعدة من قواعد الأصول لمذهب من المذاهب من خلال فرع أو أكثر من فروع الفقه، إلا أن تبلغ هذه الفروع من الكثرة والسلامة من النقد، بحيث يغلب على الظن أن المجتهد يسير في هذه الفروع على نمط واحد وقاعدة مطردة، وهذا ما لا يوجد هاهنا، حيث إن هذا الفرع - وهو حكم قليل النبيذ - الذي خُرّج على الخلاف فيما يثبت به حكم الأصل هل هو العلة أم النص؟ فضلًا عن كونه واحدًا، فإنه لا يسلم من النقد بحيث يمكن حمل الخلاف فيه على محمل أو محامل أخر - سواء عند أبي حنيفة، ﵀، أو عند الجمهور - غير محمل الخلاف في أنه هل يثبت حكم الأصل بالنص أو العلة.
فأما عند أبي حنيفة فيمكن أن يقال: إن حرمة قليل الخمر وكثيرها ثبتت عنده لعلتين وهما: الإسكار والنجاسة - وأبو حنيفة ممن يقول بنجاسة الخمر (^١) - فإن انتفت علة الإسكار في قليل الخمر فقد بقيت علة النجاسة، وهي تستقل بتحريم القليل كالكثير تمامًا، أما حرمة النبيذ فهي ثابتة، بعلة الإسكار فقط فيحرم الكثير دون القليل لخلوّ القليل من العلة المحرِّمة.
ويمكن أن يقال: إن هذا كله لم يكن دائرًا في ذهن أبي حنيفة عندما حكم في النبيذ، بل الذي دفعه إلى مثل هذا الحكم هو تعارض الأخبار والآثار في هذه المسألة، كما يُلحظ ذلك من خلال الاطلاع على ما استدل به الحنفية والجمهور، كلٌّ على صحة مذهبه من أخبار وآثار، فرأى أبو حنيفة أن الجمع بين هذه الآثار وبين آية تحريم
_________
(^١) انظر: ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج ١، ص ١٩٦ وعبد اللَّه الموصلي الحنفي، الاختيار لتعليل المختار، دار الأرقم، بيروت، ج ١، ص ٤٥، ٤٦.
1 / 54