Imperium Islam dan Tempat-tempat Suci
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
Genre-genre
لما تغلب عمرو بن العاص على القائد الروماني أرطبون في فلسطين، وكان على أبواب بيت المقدس، أعلن بطركها صفرنيوس أنه يريد التسليم والصلح على شريطة أن يجيء الخليفة عمر بنفسه إلى المدينة المقدسة، وسار عمر من المدينة إلى ميدان الحرب لعقد هذا الصلح وإبرام شروطه وفتحت بيت المقدس أبوابها أمامه بعد توقيع الصلح. وصحب صفرنيوس عمر يوما خلال المدينة يريه آثارها ومواضع الحج فيها، وإذ أدرك عمر موعد الصلاة، وهو بكنيسة القيامة، طلب البطرك إليه أن يصلي بها، فهي من مساجد الله، لكن عمر اعتذر بأنه إن يفعل اتبعه المسلمون، واعتبروا عمله سنة مستحبة، فأدى ذلك إلى إخراج المسيحيين من كنيستهم، ثم صلى في مكان قريب من الصخرة المقدسة على أطلال الهيكل. وفي هذا المكان أقيم من بعد مسجد عمر، وهو الذي أطلق عليه اسم المسجد الأقصى، أقامه عمر من ساذج البناء، كمسجد النبي بالمدينة يوم أقيم.
وظلت الدولة الإسلامية من بعد في شغل بحروبها طيلة عهد عمر وعثمان، ثم شغلت بالخلاف ما بين علي ومعاوية، لذلك لم يفكر أحد في عمارة مسجد عمر ببيت المقدس عمارة تضارع بيوت العبادة في بلاد الشام، وظل الحال على ذلك إلى أن تولى عبد الملك بن مروان الأموي الحكم.
كانت الثورة على الأمويين ما تزال مشبوبة في الحجاز، وعلى رأسها عبد الله بن الزبير بمكة، وكان هؤلاء الثائرون موضع عطف الكثيرين من العرب والمسلمين لأنهم كانوا ينتمون إلى أهل بيت رسول الله، ثم إنهم كانوا سدنة البيت الحرام بمكة والقائمين على شئون مسجد النبي - عليه السلام - بالمدينة، فكان حج المسلمين واختلاطهم بهم يزيدهم عطفا عليهم.
قبة الصخرة
وقد أشرنا إلى أن عبد الملك بن مروان كان قد شغف بالعمارة البيزنطية لمقامه بدمشق بين كنائس النصارى وآثارهم، وإنه لذلك كان أول من قام بعمارة البيت الحرام بمكة على نحو زاوج بين البساطة وما يطمئن له فن العمارة. وإعادته بناء البيت الحرام لم يكن أول عمل له في العمارة، فقد قام قبل ذلك بتشييد مساجد بالشام فيها جمال فني يأخذ بالقلوب والأبصار، على أن أروع آياته في البناء وأشدها أخذا بالنظر كان في عمارة قبة الصخرة وبناء المسجد الأقصى، فقد شاد القبة على نحو بز ما قام به من بعد في عمارة البيت الحرام، بل لعله قد بز ما بناه من المساجد والعمائر.
وقد دهش الناس لفائق عنايته ببناء قبة الصخرة، وترامت أنباء ذلك إلى مختلف الأمصار الإسلامية، وتساءل كثيرون: ما قصده من هذه المبالغة في عمارة القبة؟ وزاد في تساؤلهم أن عبد الملك حظر الحج على المصريين وأهل الشام بحجة الثورة القائمة بالحجاز. عند ذلك أذاع عبد الله بن الزبير في الناس أن عبد الملك قصد من بناء القبة والمسجد الأقصى إلى صرف الناس عن حج البيت الحرام والمسجد الحرام إلى حج المسجد الأقصى والصخرة المقدسة متأسيا في ذلك بأبرهة حين بنى بيت صنعاء ليصرف الناس عن بيت مكة. ويتعذر القطع بصحة ما أذاعه ابن الزبير من هذه الدعاية، وبخاصة لأن ابن الزبير مات بعد ذلك بقليل، وعلى أثر موته استولى عبد الملك على مكة، وقام بعمارة المسجد الحرام على نحو أرضى به ذوقه الفني، كما أنسى المسلمين تلك الدعاية التي أذاعها ثائر الحجاز ضده.
وأرصد عبد الملك لبناء القبة مالا كثيرا، قيل إنه خراج مصر سبع سنين، وجمع الصناع من الفينيقيين، واستعان بصناعة بيزنطية. وبعد أن وضع تصميم لبناء القبة رضي عبد الملك عنه، تولى رجاله تنفيذ ذلك التصميم وأتموه على خير وجه. ومع ذلك، بقي من المال الذي خصص لهذا الغرض مائة ألف دينار، أنفقت في عهد الوليد بن عبد الملك لإتمام بناء المسجد الأقصى، ولتقوية أجزاء وهت منه.
ولم تكن عناية عبد الملك بعمارة المسجد الأقصى دون عنايته بعمارة قبة الصخرة، فقد جلب له عمد الرخام، أقام عليها خمس عشرة قبة وسقفه بالخشب الجميل المتين، وجمل به أربعة منابر وأربعة وعشرين صهريجا، وجعل له أبوابا كثيرة وعلق فيه قناديل، بالغ الرواة في عددها حتى بلغ به بعضهم خمسة آلاف، ورتب له ثلاثمائة خادم.
ظل المسجد، وظلت القبة بعد ذلك، أربعة قرون في يد المسلمين محاطة من آي الإجلال والإعظام بما أحيط به البيت الحرام والمسجد الحرام، حتى لم يكن يباح لغير مسلم أن يطأ أرضهما. فلما كانت أواخر القرن الخامس الهجري دخل الصليبيون الشام وتقدموا إلى فلسطين ووضعوا يدهم على بيت المقدس في سنة 492 هجرية. وقد أقاموا ببيت المقدس قرابة قرن كامل، حتى أجلاهم صلاح الدين الأيوبي عنه في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، بذلك عادت إلى المسجد وإلى القبة قدسيتهما الأولى، وعاد حراما على غير مسلم أن يدخلهما أو يطأ أرضهما.
على أن الحروب الصليبية ظلت متداولة بعد ذلك بين المسيحيين من أهل أوروبا والمسلمين القائمين حول البحر الأبيض المتوسط. وقد استولى الصليبيون أثناءها على القدس غير مرة ثم أجلوا عنها، واضطربت شئون المملكة الإسلامية بعد ذلك بسبب تعدد الدول واقتتال الملوك والأمراء إلى أن آل الأمر إلى آل عثمان. ولم يغير ما حل بالمملكة الإسلامية من الاضطراب من حرمة بيت المقدس على المسلمين، ومن حرمة المسجد والقبة بنوع خاص. فلم يبح لغير المسلم أن يدخلهما أو يطأ أرضهما إلا بعد حرب القرم في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، ولم يبح ذلك إلا بمقدار، وفي حدود ضيقة.
Halaman tidak diketahui