أراك خائفا.
رحيو :
كلا، ولكني أعلم أن النهار لا يعقب الليل على الأثر، وأن بينهما شفق الفجر.
ساتني :
إنما أريد أن أريهم نور الحق ساطعا يأخذ سناه بالأبصار، فتشرق عليهم شمس الحقيقة مهتكة الأستار، لا حجاب اليوم ولا أسرار، ومن الضلال إبقاء هذه الأمة في ظلمات الضلال، وتركها تتعثر في أذيال آمالها، ولن تتحقق تلك الآمال، تمنونهم بحياة أخرى؛ لتسلبوا منهم نعيم هذه الحياة، وتستحلون كدهم وأجرهم، وتعدونهم جزاء أوفى باسم الله؟
رحيو :
إنهم قوم فقراء ...!
ساتني :
وهل كان علم الحق وقفا على الأغنياء؟ أما كفاكم أسر الأشباح فتودون أيضا أسر الأرواح؟ ها هم (يدخل تدريجا عبيد وصناع شتى، حتى يمتلئ بهم المرسح وفيهم باخ وسوكتي وبتيو القزم)
ها هم ضحايا الجهل، ها هم إخوان الشقاء. لقد عرفتهم، فقد وسم الذل جباههم، وأحنى الكد ظهورهم، أما أنت راع، أيطعمونك مثل ما يطعمون الأنعام التي ترعاها، أم يثخنون ظهورها بالسياط التي طالما تصلاها؟ إنهم يحقرونك وأنت من البشر، ويقدسون ما ترعاه من الغنم والبقر، وأنت أيها الزارع، تزرع ويحصدون، وتجوع ويشبعون، تقوم نهارك تحت شمس محرقة، تطن في آذانك الزنابير، وتهب في وجهك رياح لافحة؛ كأنها زفرات السعير فتقطع سنابل القمح الغزيرة، ثم تأوي ليلك إلى حفرة حقيرة، فيأكل مواليك مما حصدت أكلا شهيا، وينامون على فرش ناعمة نوما هنيا، وأنت يا رافع الماء من بطن النهر لري الحقول، القائم على عمله من قبل السحر إلى ما بعد الأفول، أتراك أسعد حظا من تلك الماشية التي شدت إلى الساقية؟ وأنت يا نازع الأحجار من بطون الجبال لتقيم آثار مجد وجلال، وحافر القبور في جوف الصخور، وباني الأهرام لرفات وعظام، أين تنام؟ أما في العراء تحت القبة الزرقاء؟ أوقفت حياتك على إحياء ذكر من مات، فكانوا بك أحياء وكنت بهم في الأموات، وأنت يا مربي الأسود ليوم القتال، أين أبوك؟ أما افترسه الأسد فما بكاه أحد؟
Halaman tidak diketahui