بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكما من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين، أما بعد: فإن خير ما صرفت فيه الأوقات، وبذلت فيه الجهود العناية بكتب العلماء المحققين من أهل السنّة والجماعة، لا سيما المتقدمين منهم، كشيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله، والعكوف على مؤلفاتهم دراسة وتحقيقًا وتوضيحًا، والعمل الدؤوب لإحياء تراثهم العظيم، وتقديمه للأمة لتستنير به في طريق عودتها.
وقد منّ الله ﷿ في أثناء البحث عن موضوع، لتقديمه للحصول على درجة الدكتوراه، بالعثور على نسخة نادرة لكتاب عظيم من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية الذي أثرى المكتبة الإسلامية -كما هو معروف- بحظ وافر من المصنفات القيمة، ومجموعة من المؤلفات النافعة، والتي لم تتأت إلا لقلة قليلة من العلماء، وهذا الكتاب هو كتاب "الإيمان الأوسط"، وبعد أن استخرت الله ﷿، رغبت في تحقيق ودراسة هذا الكتاب الهام، لنيل درجة الدكتوراه من قسم العقيدة، وجعلت عنوان البحث هو: "كتاب الإيمان الأوسط" لشيخ الإسلام ابن تيمية: دراسة وتحقيق.
1 / 5