Iman
الإيمان
Editor
محمد ناصر الدين الألباني
Penerbit
المكتب الإسلامي،عمان
Edisi
الخامسة
Tahun Penerbitan
١٤١٦هـ/١٩٩٦م
Lokasi Penerbit
الأردن
يختلف الإنسان البر والفاجر، والإيمان بالجنة والنار، وأنهما قد خلقتا قبل آدم. والإيمان بالبعث بعد الموت، والإيمان بجميع أقدار الله خيرها وشرها وحلوها ومرها، أنها من الله قضاء وقدرًا ومشيئة وحكما، وأن ذلك عدل منه وحكمة بالغة، استأثر بعلم غيبها ومعنى حقائقها.
قال: وقد قال قائلون: إن الإيمان هو الإسلام، وهذا قد أذهب التفاوت والمقامات، وهذا يقرب من مذهب المرجئة. وقال آخرون: إنالإسلام غير الإيمان، وهؤلاء قد أدخلوا التضاد والتغاير، وهذا قريب من قول الأباضية، فهذه مسألة مشكلة تحتاج إلى شرح وتفصيل، فمثل الإسلام من الإيمان، كمثل الشهادتين أحدهما من الأخرى في المعنى والحكم، فشهادة الرسول غير شهادة الوحدانية، فهما شيئان في الأعيان، وإحداهما مرتبطة بالأخرى في المعنى والحكم كشيء واحد، كذلك الإيمان والإسلام أحدهما مرتبط بالآخر، فهما كشيء واحد، لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له، إذ لا يخلو المسلم من إيمان به يصح إسلامه، ولا يخلو المؤمن من إسلام به يحقق إيمانه، من حيث اشترط الله للأعمال الصالحة الإيمان، واشترط للإيمان الأعمال الصالحة، فقال في تحقيق ذلك: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ﴾ [الأنبياء: ٩٤]، وقال في تحقيق الإيمان بالعمل: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى﴾ [طه: ٧٥]، فمن كان ظاهره أعمال الإسلام ولا يرجع إلى عقود الإيمان بالغيب فهو منافق نفاقًا ينقل عن الملة، ومن كان عقده الإيمان بالغيب ولا يعمل بأحكام الإيمان وشرائع الإسلام، فهو كافر كفرًا لا يثبت معه توحيد، ومن كان مؤمنًا بالغيب مما أخبرت به الرسل عن الله عاملًا بما أمر الله، فهو مؤمن مسلم، ولولا أنه كذلك لكان المؤمن يجوز ألاّ يسمى مسلما، ولجاز أن المسلم لا يسمى مؤمنًا بالله.
وقد أجمع أهل القبلة على أن كل مؤمن مسلم، وكل مسلم مؤمن بالله وملائكته وكتبه، قال: ومثل الإيمان في الأعمال كمثل القلب في الجسم لا ينفك أحدهما عن الآخر، لا يكون ذو جسم حي لا قلب له، ولا ذو قلب بغير جسم، فهما شيئان منفردان، وهما في الحكم والمعنى منفصلان، ومثلهما أيضًا
1 / 261