117

Iman

الإيمان

Penyiasat

محمد ناصر الدين الألباني

Penerbit

المكتب الإسلامي،عمان

Nombor Edisi

الخامسة

Tahun Penerbitan

١٤١٦هـ/١٩٩٦م

Lokasi Penerbit

الأردن

سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ. وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ. وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ. لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد﴾ [ق: ١٩: ٢٢]، إلَى آيات أخر كثيرة تدل على أن الكفار في الآخرة يعرفون ربهم فإن كان مجرد المعرفة إيمانًا كانوا مؤمنين في الآخرة. فإن قالوا: الإيمان في الآخرة لا ينفع، وإنما الثواب على الإيمان في الدنيا. قيل: هذا صحيح، لكن إذا لم يكن الإيمان إلا مجرد العلم، فهذه الحقيقة لا تختلف، فإن لم يكن العمل من الإيمان، فالعارف في الآخرة لم يفته شيء من الإيمان، لكن أكثر ما يدعونه أنه حين مات لم يكن في قلبه من التصديق بالرب شيء، ونصوص القرآن في غير موضع تدل على أن الكفار كانوا في الدنيا مصدقين بالرب، حتى فرعون الذي أظهر التكذيب كان في باطنه مصدقًا، قال تعالي: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل: ١٤]، وكما قال موسى لفرعون: ﴿قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ﴾ [الإسراء: ١٠٢]، ومع هذا لم يكن مؤمنًا؛ بل قال موسى: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ﴾ [يونس: ٨٨] قال الله: ﴿قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا﴾ [يونس: ٨٩]، ولما قال فرعون: ﴿آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ﴾ [يونس: ٩٠] . قال الله: ﴿آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس: ٩١] فوصفه بالمعصية، ولم يصفه بعدم العلم في الباطن كما قال: ﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ [المزمل: ١٦]، وكما قال عن إبليس: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ﴾ [ص: ٧٣، ٧٤]، فلم يصفه إلا بالإباء والاستكبار ومعارضته الأمر، لم يصفه بعدم العلم، وقد أخبر الله عن الكفار في غير موضع أنهم كانوا معترفين بالصانع في مثل قوله: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [الزخرف: ٨٧] . ثم يقال لهم: إذا قلتم هوالتصديق بالقلب، أو باللسان، أو بهما، فهل هو التصديق المجمل؟ أو لابد فيه من التفصيل؟ فلو صدق أن محمدًا رسول الله

1 / 124