تمهيد
مسألة الإيمان، ومذاهب الطوائف فيها، وبيان الراجح منها:
تعد مسألة الإيمان من أهم مسائل العقيدة الإسلامية على الإطلاق، ولا ريب أن أول خلاف وقع في الأمة كان فيها، وكان الخلاف فيها محورًا رئيسيًا تبلورت حوله آراء عدة فرق، وصار معلمًا بارزًا لكل منها.
ومسألة الإيمان هي الأصل العظيم، الذي يخرج به الناس من الظلمات إلى النور، وبه يتميز السعداء من الأشقياء، وأولياء الله من أعدائه، وبه تنال الحياة الطيبة في الدنيا، والجزاء الحسن، والأجر العظيم في جنات النعيم ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)﴾ [النحل: ٩٧].
ولقد أفسد الخلاف فيها بين الفرق المحدثة على المسلمين كثيرًا من معانيها العظيمة، وأحالوها في كثير من الأحيان إلى مجرد قضية عقلية باهتة، لا علاقة لها بالحياة، وعظم الخطب حين نادت بعض هذه الفرق بفصلها -فعلًا- عن الحياة، وذلك يوم أصرَّت على إخراج الأعمال من الإيمان.
وإننا لنريد أن تعود هذه القضية الكبرى رائدةً للقضايا الإسلامية المعاصرة، على منهج خير القرون، وأن تكون هي الأصل الأصيل الذي نعتمد عليه في بعث الأمة من جديد.
وقبل معرفة مذاهب الطوائف والفرق في مسألة الإيمان، لا بد من إطلالة موجزة على معنى هذه الكلمة في اللغة فنقول:
الإيمان لغة:
يقول الأزهرى: "اتفق أهل العلم من اللغويين وغيرهم أن الإيمان
1 / 13