317

الصلح، فوجه رءوسهم إلى موسى، فأعطاهم الأمان، وقبض رهونهم، وعقد لعياش بن أخيل على مراكب أهل إفريقية، فشتا في البحر[ (1) ]، وأصاب مدينة يقال لها سرقوسة[ (2) ]، ثم قفل في سنة ست وثمانين، ثم إن عبد الله بن مرة قام بطالعة أهل مصر على موسى في سنة تسع وثمانين فعقد له موسى على بحر إفريقية، فأصاب سردانية، وافتتح مدائنها، فبلغ سبيها ثلاثة آلاف رأس، سوى الذهب والفضة والحرث وغيره[ (3) ].

غزوة السوس الأقصى

قال: وذكروا أن موسى وجه مروان ابنه إلى السوس الأقصى، وملك السوس يومئذ مزدانة الأسواري، فسار في خمسة آلاف من أهل الديوان[ (4) ]فلما اجتمعوا، ورأى مروان أن الناس قد تعجلوا إلى قتال العدو، وأن في يده اليمنى القناة، وفي يده اليسرى الترس، وإنه ليشير بيده إلى الناس أن كما أنتم. فلما التقى مروان ومزدانة، اقتتل الناس إذ ذاك قتالا شديدا، ثم انهزم مزدانة ومنح الله مروان أكتافهم، فقتلوا قتلة الفناء، فكانت تلك الغزوة استئصال أهل السوس[ (5) ] على أيدي مروان، فبلغ السبي أربعين ألفا، وعقد موسى على بحر إفريقية حتى نزل بميورقة فافتتحها.

[ (1) ]في البيان المغرب 1/42 فمشى في البحر إلى صقلية.

[ (2) ]زيد في البيان المغرب: فغنمها وجميع ما بها، وقفل سالما غانما.

[ (3) ]هذه الغارات التي شنها موسى بن نصير لم يكن هدفها استعراض قوة بل جرت-كما يقول العريني: - «وفقا لخطة موضوعة، وذلك أن موسى بن نصير كان منصرفا إلى فتح شمال إفريقيا إلى المحيط الأطلنطي» واستخدام القوة البحرية يعود لثلاثة أسباب:

-حماية مؤخرة الجيش الإسلامي من أي تهديد بيزنطي ينطلق من قواعد البحرية البيزنطية في صقلية وسردينية وجزائر البليار.

-إخضاع الشاطئ الإفريقي من تونس إلى سبتة.

-حماية مواصلات الجيش، وملاحظة ومراقبة تحركات الجيوش البيزنطية.

[ (4) ]يريد: الجنود النظاميون المقيدون في ديوان الدولة، أصحاب الأعطيات.

[ (5) ]السوس: بلد بالمغرب كانت الروم تسميها قمونية. والسوس الأقصى: كورة أخرى مدينتها طرقلة. وبين السوس الأدنى إلى السوس الأقصى مسيرة شهرين وبعده بحر الرمل وليس وراء ذلك شيء يعرف. ومن السوس الأقصى إلى القيروان ثلاثة الاف فرسخ (معجم البلدان) .

وكان موسى على ما ذكره ابن الأثير 4/195 قد خرج غازيا إلى طنجة يريد من بقي من البربر، وقد هربوا منه، فتبعهم وقتلهم قتلا ذريعا حتى بلغ السوس الأدنى لا يدافعه أحد.

(وانظر البيان المغرب 1/42 والحلة السيراء 2/333) .

Halaman 82