وما اكثر ما جاء عنه من الردع عن إذاعة سرهم والإفشاء لحديثهم وأن المذيع له قاتلهم عمدا لا خطأ (1)، فهذه الأحاديث وغيرها تكشف لك سر أمرهم بالتقية ، فكأنهم يعلمون بأن الناس سوف تستهدف الشيعة على التقية فأبانوا الوجه في إلزامهم بها واستمرارهم عليها.
أثر التقية في خدمة الدين :
وأما أثر التقية في خدمة الدين والمجتمع الشيعي فلا يكاد يجهل ، فإن الكوفة أيام زياد ضعف فيها التشيع حتى لم يبق بها من الشيعة معروف وبلغ الحال بها أيام الحجاج إلى أن ينسب الرجل إلى الكفر والزندقة أحب إليه من أن ينسب إلى التشيع ، ولكن لم تمض برهة على تشديدهم على الشيعة في اعتزال الناس والسياسة واختفائهم وراء حجب التقية حتى بلغ رواة الصادق عليه السلام أربعة آلاف أو يزيدون كما أحصاهم ابن عقدة ، والشيخ الطوسي طاب ثراه في كتاب الرجال ، والطبرسي في أعلام الورى ، والمحقق الحلي في المعتبر ، وكان اكثرهم من أهل الكوفة ، وكان الحسن بن علي الوشاء (2) يقول : لو علمت أن هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه فإني أدركت في هذا المسجد يعني مسجد الكوفة تسعمائة شيخ كل يقول : حدثني جعفر بن محمد عليهما السلام ، على أن الوشاء لم يدرك من تلك الطبقة إلا قليلا.
فهنا تعرف السر لما ذا كثرت الرواية عنه عليه السلام ؟ ولما ذا صار منهل العلوم والمعارف ومصدر الأحكام والحكم؟ ولما ذا صار مذهبا لأهل التشيع؟
Halaman 89