244

كافية في تصديق دعوى النبوة منه.

فإنا نقول : إن اكثر الناس لا يقيم وزنا لهذه الامور ، بل لا يستطيع تمييزها فيمن هي فيه حق التمييز ، فضلا أن يعرف أنها موجودة في النبي على الوجه الأكمل فلا بد من ظهور شيء محسوس على يده يعجز عنه البشر يكون قاطعا لعذرهم وبرهانا نيرا يستوي في الخضوع له وإدراكه العالم والجاهل والنبيه والعاقل.

4 لما ذا يمنع العلم عن الامور الجارية على غير النواميس الطبيعية؟ أليس خالق النواميس العادية وغير العادية واحدا؟ ومن اقتدر على إجراء الامور بأسبابها العادية يقتدر على إجرائها بأسباب فوق مستوى قدرتنا وعلمنا.

واذا نظرنا بعض مصنوعاته تعالى وجدناها جارية على غير نواميس العادة وذلك في بدء الخلقة فإنه ما النواميس الطبيعية في صنعة آدم وحواء وابتداء خلق السماوات والأرضين والأشجار والأنهار والمعادن والفلزات وما سواها فإنه خلقها لا من شيء سبق ، ولا على مثال احتذاه ، واذا كان ناموسها الطبيعي هو تلك العناصر التي كان منها تركيبها ، فما كان الناموس الطبيعي لخلق تلك العناصر أنفسها.

نعم إنما صرنا نتطلب النواميس الطبيعية في المصنوعات لما اعتدناه في الخليقة من جريانها مستمرة على تلك النواميس ، ولكن ذلك لا يجب في كل شيء ما دام خالق النواميس على غير النواميس موجودا ، وكانت له في خلقها على غير النواميس الحجة على عباده والإرشاد لهم على ألوهيته وقدرته ونبوة رسله.

بيد أننا نحتاج الى تصديق تلك الآيات التي جرت على غير العادة في الأسباب مع إمكانها الى المشاهدة مع الحضور ، والى صحة النقل مع الغيبة.

Halaman 247