240

طعامنا وطعام الأنبياء (1) الى أمثال ذلك من مظاهر الزهد.

إن من قبض عنان نفسه بيده وتجرد عن هذه الفتن الخداعة في هذه الحياة ، واتجه بكل جوارحه لرضى خالقه يستكثر منه اذا روت الثقات عنه هذا وأشباهه.

وما كان غريبا ما يروى من دخول سفيان الثوري (2) عليه ، وكان على الصادق عليه السلام جبة من خز ، وقول سفيان منكرا عليه : إنكم من بيت نبوة تلبسون هذا ، وقول الصادق عليه السلام : ما تدري أدخل يدك ، فاذا تحته مسح من شعر خشن ، ثم قال عليه السلام : يا ثوري أرني ما تحت جبتك ، فإذا تحتها قميص أرق من بياض البيض ، فيخجل سفيان ثم يقول له الصادق عليه السلام : يا ثوري لا تكثر الدخول علينا تضرنا ونضرك (3).

وأمثال هذا مما روي عنه جم كثير ، نحن في غنى عن سرده ، فإن سادات أهل البيت أعلى كعبا ، وأرفع شأنا ، من أن تحسب مثل هذه الشؤون فضائلهم الجليلة.

وأما سفيان فجدير بالامام ألا يرغب في دنوه ما دام يخالفه في رأيه وسيره وعمله وعلمه ، وأما الضرر على الامام وعليه من دخوله على الامام ، فلأن السلطان قد وقف للإمام بالمرصاد ، لا يريد أن يظهر له شأن ولا أن يكثر عليه التردد ، فالدخول عليه يجعل الإمام معرضا للخطر ، ويجعل الداخل معرضا للأذى ، لا سيما اذا كان الداخل ذا شأن ومقام بين الناس كسفيان الثوري.

Halaman 243