182

2 إن أيامه كانت أيام علم وفقه ، وكلام ومناظرة ، وحديث ورواية ، وبدع وضلالة ، وآراء ومذاهب ، وهذه فرصة جديرة بأن يبدي العالم فيها علمه ، ليقمع بذلك الأضاليل والأباطيل ، ويبطل الآراء والأهواء ، ويصدع بالحق ، وينشر الحقيقة.

3 إنه مرت عليه فترة من الرفاهية على بني هاشم لم تمر على غيره من الأئمة ، فلم يتفق له على الأكثر ما كان يحول دون آبائه وأبنائه من الجهر بمعارفهم بالتضييق عليهم ومنع الناس عنهم ومنعهم عن الناس من ملوك أيامهم.

ولم يملك من الأئمة زمام الأمر سوى أمير المؤمنين عليه السلام ، ولكن كانت أيامه على قصرها بين حرب وكفاح وبين مناهضة للبدع والضلالات فحملوه على السير في محجة لا يجد مناصا من السلوك فيها ، على أنه لم تكن في أيامه ما كان في عهد الصادق من انتشار العلم بين طبقات الناس وظهور الأهواء والآراء والنحل والمذاهب.

أما الصادق فقد عاصر الدولتين المروانية والعباسية ووجد فترة لا يخشى فيها سطوة ظالم ولا وعيد جبار ، وتلك الفترة امتزجت من اخريات دولة بني مروان واوليات دولة بني العباس ، لأن الأمويين وأهل الشام لما أجهزوا على الوليد بن يزيد وقتلوه انتقضت عليهم أطراف البلاد وتضعضعت أركان سلطانهم ، وكانت الدعوة لبني هاشم قد انتشرت في جهات البلاد فكانت تلك الامور كلها صوارف لبني مروان عما عليه الصادق عليه السلام من الحياة العلمية ، ولما انكفأ بهم الزمن وسالم بني العباس اشتغل بنو العباس بتطهير الأرض من أمية وبتأسيس الدولة الجديدة ، وأنت تعلم بما يحتاجه الملك الغض من الزمن لتأسيسه ورسوخه ، فكان انصرافهم لبناء الملك وإحاطته شاغلا لهم برهة من

Halaman 185