37

The Science of Jurisprudential Rules: A Comprehensive and Modern Study of Jurisprudential, Foundational, and Objectives-Based Rules

علم القواعد الشرعية دراسة جامعة وعصرية للقواعد الفقهية والأصولية والمقاصدية

Penerbit

مكتبة الرشد

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

1426 AH

Lokasi Penerbit

الرياض

ولكن هذا قد يؤدي إلى طرح تساؤل مهم وحَسَّاس للغاية، يتعلق بحجية القاعدة الفقهية ودليليَّتها، أي يتعلق بإمكانية جعل القاعدة دليلا تستنبط منه الفروع والأحكام أم لا، وما المراد بهذه الحجية والدليلية؟ فهل يعنى بها كون القاعدة تُنْشِأ الأحكام وتؤسسها وتقررها، أم يُعنى بها كونها إطارا حاويا للجزئيات والفروع الثابتة بالشرع، وأن المجتهد يقوم باستخراج هذه الفروع من هذا الإطار فقط، ومن غير أن تكون القاعدة دليلا تشريعيا، بل هي مجرد وعاء يحوي الجزئيات والفروع ويستوعبها. وهذا ما سنجيب عنه لاحقا إن شاء الله.

الفائدة ٤: تقليل نسبة الخطأ لدى المجتهدين فيما يعرض لهم من نوازل ومسائل مستجدة، إذ إن القواعد الفقهية أشبه بالمنارات الهادية لمجاري الشريعة وقياسها في أصولها وفروعها(١).

الفائدة ٥: إدراك مقاصد الشريعة وغايات الأحكام وأسرارها(٢)، إذ إن كثيرا من الفروع تتوافق على تقرير مقصد شرعي معين، أو أن الشرع الإسلامي يلتفت في كثير من الأحكام والمسائل الفقهية الجزئية إلى معنى يريده ويقصده، فيدل ذلك الالتفات على أن هذا المعنى هو مقصد شرعي يُراد تحصيله.

وفي القاعدة (اليسير معفو عنه) التي ذكرناها قبل قليل، نجد أن المعنى الوارد في جميع أو أغلب الفروع هو الشيء اليسير الذي لا يمكن الاحتراز منه، أو الذي يصعب أو يتعذر تركه واستبعاده والتخلص منه، فالقليل من الدم النازل من الأنف أو الواقع في الثوب تصعب إزالته، وتصعب إعادة الصلاة بسببه، وحك الجسد أو الالتفات الخفيف أو الإشارة اليسيرة لإنقاذ الطفل الصغير من هلاك معين وللتنبيه على أمرٍ مُهم وذي بال ... فكل هذه الأفعال يسيرة واضطرارية توقعها الطبيعة الإنسانية وتمليها المصلحة الفورية، ومن ثم فإنه يصعب التخلص منها، أو يتعذر التفكير في الاحتراز منها، ولذلك عُفي عنها في الصلاة.

وكذلك الأمر بالنسبة للغرر اليسير في البيع، فإنه أمر تدعو إليه المصلحة الإنسانية في التعاقد وتبادل المنافع، وفي تيسير وتسهيل ذلك. ولو بقي الناس

(١) القاعدة الفقهية، حجيتها وضوابط الاستدلال بها: رياض منصور الخليفي: ص ٢٨٧.

(٢) مقاصد الشريعة: ابن عاشور: ص ٦.

36