80

رسم الوداد في إيضاح تحفة الأولاد في توحيد رب العباد

رسم الوداد في إيضاح تحفة الأولاد في توحيد رب العباد

Penerbit

بدون

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٤٤١ - ٢٠٢٠

Genre-genre

وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ﴾ [المطففين: ٢٩ - ٣٢] قال الحافظ ابن كثير ﵀: يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْمُجْرِمِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدَّارِ الدُّنْيَا ﴿يَضْحَكُونَ﴾ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، أَيْ: يَسْتَهْزِئُونَ بِهِمْ وَيَحْتَقِرُونَهُمْ ﴿وَإِذَا مَرُّوا﴾ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴿يَتَغَامَزُونَ﴾ عَلَيْهِمْ، أَيْ: مُحْتَقِرِينَ لَهُمْ، ﴿وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾ أَيْ: إِذَا انْقَلَبَ، أَيْ: رَجَعَ هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمُونَ إِلَى مَنَازِلِهِمُ، انْقَلَبُوا إليها فاكهين، أَيْ: مَهْمَا طَلَبُوا وَجَدُوا، وَمَعَ هَذَا مَا شَكَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، بَلِ اشْتَغَلُوا بِالْقَوْمِ الْمُؤْمِنِينَ يَحْتَقِرُونَهُمْ وَيَحْسُدُونَهُمْ، ﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ﴾ أَيْ: لِكَوْنِهِمْ عَلَى غَيْرِ دِينِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ﴾ [المطففين: ٣٣] أَيْ: وَمَا بُعث هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمُونَ حَافِظِينَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ مَا يَصْدُرُ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ، وَلَا كُلِّفُوا بِهِمْ؟ فَلِمَ اشْتَغَلُوا بِهِمْ وَجَعَلُوهُمْ نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (١٠٨) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (١١٠) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: ١٠٨ - ١١١]. وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: ﴿فَالْيَوْمَ﴾ يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤)﴾ أَيْ: فِي مُقَابَلَةِ مَا ضَحِكَ بِهِمْ أُولَئِكَ، ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥)﴾ أَيْ: إِلَى اللَّهِ ﷿، فِي مُقَابَلَةِ مَنْ زَعَمَ فِيهِمْ أَنَّهُمْ ضَالُّونَ، لَيْسُوا بِضَالِّينَ، بَلْ هُمْ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ، يَنْظُرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ فِي دَارِ كَرَامَتِهِ. وَقَوْلُهُ: ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾؟ أَيْ: هَلْ جُوزِيَ الْكُفَّارُ عَلَى مَا كَانُوا يُقَابِلُونَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّنَقُّصِ أَمْ لَا؟ يَعْنِي: قَدْ جُوزُوا أَوْفَرَ الْجَزَاءِ وَأَتَمَّهُ وَأَكْمَلَهُ ا. هـ ويلزم التفريق هنا بين تكفير المعين وغير المعين كما سيأتي (ص ١٣٢).

1 / 82