Pemulihan Ilmu Agama
إحياء علوم الدين
Penerbit
دار المعرفة
Lokasi Penerbit
بيروت
يوشك أن يؤدي إلى الصواب في الآخرة حتى يتعظ بما يعظ به غيره
ويجري حب القبول والجاه مجرى الحب الذي ينثر حوالي الفخ ليقتنص به الطير وقد فعل الله ذلك بعباده إذ جعل الشهوة ليصل الخلق بها إلى بقاء النسل
وخلق أيضًا حب الجاه ليكون سببًا لإحياء العلوم وهذا متوقع في هذه العلوم فأما الخلافيات المحضة ومجادلات الكلام ومعرفة التفاريع الغريبة فلا يزيد التجرد لها مع الإعراض عن غيرها إلا قسوة القلب وغفلة عن الله تعالى وتماديًا في الضلال وطلبًا للجاه إلا من تداركه الله تعالى برحمته أو مزج به غيره من العلوم الدينية
ولا برهان على هذا كالتجربة والمشاهدة فانظر واعتبر واستبصر لتشاهد تحقيق ذلك في العباد والبلاد والله المستعان
وقد رؤي سفيان الثوري ﵀ حزينًا فقيل له ما لك فقال صرنا متجرًا لأبناء الدنيا يلزمنا أحدهم حتى إذا تعلم جعل قاضيًا أو عاملًا أو قهرمانًا
الوظيفة الرابعة وهي من دقائق صناعة التعليم أن يزجر المتعلم عن سوء الأخلاق بطريق التعريض ما أمكن ولا يصرح وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ فإن التصريح يهتك حجاب الهيئة ويورث الجرأة على الهجوم بالخلاف ويهيج الحرص على الإصرار إذ قال ﷺ وهو مرشد كل معلم لو منع الناس عن فت البعر لفتوه وقالوا ما نهينا عنه إلا وفيه شيء (١) وينبهك على هذا قصة آدم وحواء ﵉ وما نهيا عنه فما ذكرت القصة معك لتكون سمرًا بل لتتنبه بها على سبيل العبرة ولأن التعريض أيضًا يميل النفوس الفاضلة والأذهان الذكية إلى استنباط معانيه فيفيد فرح التفطن لمعناه رغبة في العلم به ليعلم أن ذلك مما لا يعزب عن فطنته
الوظيفة الخامسة أن المتكفل ببعض العلوم ينبغي أن لا يقبح في نفس المتعلم العلوم التي وراءه كمعلم اللغة إذ عادته تقبيح علم الفقه
ومعلم الفقه عادته تقبيح علم الحديث والتفسير وأن ذلك نقل محض وسماع وهو شأن العجائز ولا نظر للعقل فيه ومعلم الكلام ينفر عن الفقه ويقول ذلك فروع وهو كلام في حيض النسوان فأين ذلك من الكلام في صفة الرحمن فهذه أخلاق مذمومة للمعلمين ينبغي أن تجتنب بل المتكفل بعلم واحد ينبغي أن يوسع على المتعلم طريق التعلم في غيره وإن كان متكفلًا بعلوم فينبغي أن يراعي التدريج في ترقية المتعلم من رتبة إلى رتبة
الوظيفة السادسة أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه فلا يلقى إليه ما لا يبلغه عقله فينفره أو يخبط عليه عقله اقتداء في ذلك بسيد البشر ﷺ حيث قال نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونكلمهم على قدر عقولهم (٢) فليبث إليه الحقيقة إذا علم أنه يستقل بفهمها وقال ﷺ ما أحد يحدث قومًا بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة على بعضهم وقال علي ﵁ وأشار إلى صدره إن ههنا لعلومًا جمة لو وجدت لها حملة وصدق ﵁ فقلوب الأبرار قبور الأسرار
فلا ينبغي أن يفشي العالم كل ما يعلم إلى كل أحد هذا إذا كان يفهمه المتعلم ولم يكن أهلًا للانتفاع به فكيف فيما لا يفهمه وقال عيسى ﵇ لا تعلقوا الجواهر في أعناق الخنازير فإن الحكمة خير من الجوهر ومن كرهها فهو شر من الخنازير ولذلك قيل كل لكل عبد بمعيار عقله وزن له بميزان فهمه حتى تسلم منه وينتفع بك وإلا وقع الإنكار لتفاوت المعيار وسئل بعض العلماء عن شيء فلم يجب فقال السائل أما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال من كتم علمًا نافعًا جاء يوم القيامة ملجمًا بلجام من نار (٣) فقال
_________
(١) حديث لو منع الناس عن فت البعر لفتوه الحديث لم أجده
(٢) حديث نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم الحديث رويناه في جزء من حديث أبي بكر بن الشخير من حديث عمر أخصر منه وعند أبي داود من حديث عائشة أنزلوا الناس منازلهم
(٣) حديث من كتم علمًا نافعًا جاء يوم القيامة ملجمًا بلجام من نار أخرجه ابن ماجه من حديث أبي سعيد بإسناد ضعيف وتقدم حديث أبي هريرة بنحوه
1 / 57