171

Pemulihan Ilmu Agama

إحياء علوم الدين

Penerbit

دار المعرفة

Lokasi Penerbit

بيروت

لا يركعون إلى يوم القيامة والساجدون لا يرفعون إلى يوم القيامة وهكذا الراكعون والقاعدون فإن ما رزق تعالى الملائكة من القرب والرتبة لازم مستمر على حال واحد لا يزيد ولا ينقص لذلك أخبر الله عنهم أنهم قالوا وما منا إلا له مقام معلوم وفارق الإنسان الملائكة في الترقي من درجة إلى درجة فإنه لا يزال يتقرب إلى الله تعالى فيستفيد مزيد قربه وباب المزيد مسدود على الملائكة ﵈ وليس لكل واحد إلا رتبته التي هي وقف عليه
وعبادته التي هو مشغول بها لا ينتقل إلى غيرها ولا يفتر عنها لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون وَمِفْتَاحُ مَزِيدِ الدَّرَجَاتِ هِيَ الصَّلَوَاتُ
قَالَ اللَّهُ ﷿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ في صلاتهم خاشعون فَمَدَحَهُمْ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِصَلَاةٍ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ الْمَقْرُونَةُ بِالْخُشُوعِ
ثُمَّ خَتَمَ أَوْصَافَ الْمُفْلِحِينَ بِالصَّلَاةِ أَيْضًا فقال تعالى والذين هم على صلواتهم يحافظون ثُمَّ قَالَ تَعَالَى فِي ثَمَرَةِ تِلْكَ الصِّفَاتِ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فيها خالدون فَوَصَفَهُمْ بِالْفَلَاحِ أَوَّلًا وَبِوِرَاثَةِ الْفِرْدَوْسِ آخِرًا وَمَا عِنْدِي أَنَّ هَذْرَمَةَ اللِّسَانِ مَعَ غَفْلَةِ الْقَلْبِ تَنْتَهِي إِلَى هَذَا الْحَدِّ وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ ﷿ فِي أَضْدَادِهِمْ مَا سَلَكَكُمْ فِي سقر قالوا لم نك من المصلين فَالْمُصَلُّونَ هُمْ وَرَثَةُ الْفِرْدَوْسِ وَهُمُ الْمُشَاهِدُونَ لِنُورِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُتَمَتِّعُونَ بِقُرْبِهِ وَدُنُوِّهِ مِنْ قُلُوبِهِمْ
نسأل الله أن يجعلنا منهم وأن يعيذنا من عقوبة من تزينت أقواله وقبحت أفعاله إنه الكريم المنان القديم الإحسان وصلى الله على كل عبد مصطفى
حكايات وأخبار في صلاة الخاشعين ﵃
اعلم أن الخشوع ثمرة الإيمان ونتيجة اليقين الحاصل بجلال الله ﷿ ومن رزق ذلك فإنه يكون خاشعًا في الصلاة وفي غير الصلاة بل في خلوته وفي بيت المال عند الحاجة فإن موجب الخشوع معرفته اطلاع الله تعالى على العبد ومعرفة جلاله ومعرفة تقصير العبد فمن هذه المعارف يتولد الخشوع وليست مختصة بالصلاة ولذلك روي عن بعضهم أنه لم يرفع رأسه إلى السماء أربعين سنة حياء من الله سبحانه وخشوعًا له وكان الربيع بن خيثم من شدة غضه لبصره وإطراقه يظن بعض الناس أنه أعمى وكان يختلف إلى منزل ابن مسعود عشرين سنة فإذا رأته جاريته قالت لابن مسعود صديقك الأعمى قد جاء فكان يضحك ابن مسعود من قولها وكان إذا دق الباب تخرج الجارية إليه فتراه مطرقًا غاضًا بصره وكان ابن مسعود إذا نظر إليه يقول وبشر المخبتين أما والله لو رآك محمد ﷺ لفرح بك وفي لفظ آخر لأحبك وفي لفظ آخر لضحك ومشى ذات يوم مع ابن مسعود في الحدادين فلما نظر إلى الأكوار تنفخ وإلى النار تلتهب صعق وسقط مغشيا عليه وقعد ابن مسعود عند رأسه إلى وقت الصلاة فلم يفق فحمله على ظهره إلى منزله فلم يزل مغشيًا عليه إلى مثل الساعة التي صعق فيها ففاتته خمس صلوات وابن مسعود عند رأسه يقول هذا والله هو الخوف
وكان الربيع يقول ما دخلت في صلاة قط فأهمني فيها إلا ما أقول وما يقال لي وكان عامر بن عبد الله من خاشعي المصلين وكان إذا صلى ربما ضربت ابنته بالدف وتحدث النساء بما يردن في البيت ولم يكن يسمع ذلك ولا يعقله وقيل له ذات يوم هل تحدثك نفسك في الصلاة بشيء قال نعم بوقوفي بين يدي الله ﷿ ومنصرفي إحدى الدارين قيل فهل تجد شيئًا مما نجد من أمور الدنيا فقال لأن تختلف الأسنة في أحب إلي من أن أجد في صلاتي ما تجدون وكان يقول لو كشف الغطاء ما ازددت يقينًا
وقد كان مسلم بن يسار منهم وقد نقلنا أنه لم يشعر بسقوط اسطوانة في المسجد وهو في الصلاة
وتأكل طرف من أطراف بعضهم واحتيج فيه إلى القطع فلم يمكن منه فقيل إنه في الصلاة لا يحس بما يجري عليه فقطع وهو في الصلاة
وقال بعضهم الصلاة من الآخرة فإذا دخلت فيها

1 / 171