351

Ihtiras

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

Genre-genre

قال العلامة أبو العباس بن تيمية في كتابه منهج الاعتدال ما محصله: أن الكشف ونحوه من الإلهام لا يلتفت إليه في الأديان والأحكام، وقال: لو كان الإلهام طريقا لكان الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحق من قضا به وكان الله تعالى يوحي إليه ....صاحب الحق فلا يحتاج إلى بينة، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فعمر))، ومع هذا فلم يكن لعمر أن يحكم بالإلهام ولا بمجرد ما يلقى في قلبه حتى يعرض ذلك على الكتاب والسنة، فإن وافقه فبله، وإن خالفه رده، هذا محصل كلامه وجل ألفاظه. والنسفي صاحب العقائد المشهورة استشعر سؤالا واعتراضا على حصره لأسباب العلم في ثلاثة: الحواس السليمة، والخبر الصادق، والعقل، وذلك بأن يقال أن الإلهام المفسر عندهم بالقى معنى في القلب غير ممنوع، بل مسلم عندهم، فكيف يتم له الحصر المذكور في تلك العقائد، فأجاب: بأنه -أي الإلهام- ليس من أسباب العلم عند أهل الحق -أي فالحصر في الثلاثة تام-، وقد قرره سعد الدين وغيره في شرح هذا الكتاب المشار إليه وغيره.

فإن قلت: أن الكشف ليس كالإلهام بل هو راجع إلى القسم الأول من الثلاثة -أي الحواس السليمة- كما ديعونه، ولذا قال المعترض في الكلام المنقول آنفا عن مسألة القرآن: بل بالكشف والعيان، فطعف اليعان على الكشف عطفا تفسيريا.

قلت: من أقرب ما يسقط به هذا السؤال أنهم يدعونه الكشف فيما لا مجال لشيء من الحواس في إدراكه أصلا.

Halaman 397