قلت: لا نسلم أن قوله تعالى: {وما ينبغي له} تحريم للشعر عليه عليه صلى الله عليه وآله وسلم وإنما هو خبر بأنه لا يليق بمقاصد الشعر؛ لأنه لو كان علي وعلى آله الصلاة والسلام يقول الشعر لوجب أن يكون سعره في أعلا درجات البلاغة وجار عروض الريب والشك ... الناس في أن القرآن من كلامه البيغ علي وعلى آله الصلاة والسلام، وليس من عند الله تعالى، ولئن سلمنا أنه تحريم وتكليف فلا نسلم أنه من قبيل تكليف الغافل؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن كان لا يقول الشعر لكنه لا يعرفه اجمالا ويفرق بين ما سمعه من الكلام منظوما ومنثورا بل كان ينشد لغيره شيئا من أبيات الشعر فلا يحكمها وعدم إحكامه لها لا يستلزم عدم علمه بأنها شعر فتبين أنه لا يلزم من الآية المذكورة تكليف الغافل الذي لايعلم ما هو النبي الذي كل به على أن الرافعي حكى خلافا في أنه صلى الله عليه وآله وسلم يحسن الشعر أو لا يحسن، وهكذا البغوي في التهذيب كما نقله بعضهم، ولم ينكر النووي والآسنوي حكاية الخلاف في ذلك وإن كان بع1ضهم زعم أن المخالف في أنه عليه وعلى آله الصلاة والسلام لا يقول الشعر ولا يحسنه خارق للاجماع، بل يكاد يلزمه الكفر واعترضه الزركشي بأن التحريم يستدعي القدرى على ما حرم يعني فلا بد من القول بأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقدر أن قول الشعر.
Halaman 147