384

وأما الظاهر فليس من أنه علا الأشياء بركوب فوقها وقعود عليها وتسنم لذراها ولكن ذلك لقهره وغلبته الأشياء وقدرته عليها كقول الرجل ظهرت على أعدائي وأظهرني الله على خصمي إذا أخبر على الفلج والظفر فهكذا ظهور الله على الأشياء.

ووجه آخر أنه الظاهر لمن أراده لا يخفى عليه لمكان الدليل والبرهان على وجوده في كل ما دبره وصنعه مما يرى فأي ظاهر أظهر وأوضح أمرا من الله تبارك وتعالى فإنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت وفيك من آثاره ما يغنيك والظاهر منا البارز بنفسه المعلوم بحده فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى.

وأما الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها ولكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علما وحفظا وتدبيرا كقول القائل بطنته بمعنى خبرته وعلمت مكنون سره والباطن منا الغائر في الشيء المستقر فيه فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

قال وهكذا جميع الأسماء وإن كنا لم نسمها كلها.

وكان المأمون لما أراد أن يستخلف الرضا جمع بني هاشم فقال إني أريد أن أستعمل الرضا عليه السلام على هذا الأمر من بعدي.

فحسده بنو هاشم وقالوا أتولي رجلا جاهلا ليس له بصر بتدبير الخلافة فابعث إليه يأتنا فترى من جهله ما تستدل به!

فبعث إليه فأتاه فقال له بنو هاشم يا أبا الحسن اصعد المنبر وانصب لنا علما نعبد الله عليه فصعد المنبر فقعد مليا لا يتكلم مطرقا ثم انتفض انتفاضة فاستوى قائما وحمد الله تعالى وأثنى عليه وصلى على نبيه وأهل بيته ثم قال :

أول عبادة الله معرفته وأصل معرفة الله توحيده ونظام توحيده نفي الصفات عنه (1) بشهادة العقول أن كل صفة وموصوف مخلوق وشهادة كل مخلوق أن له خالقا ليس بصفة ولا موصوف وشهادة كل صفة وموصوف بالاقتران وشهادة الاقتران بالحدث وشهادة الحدث بالامتناع من الأزل الممتنع من الحدث (2) فليس الله عرف من عرف ذاته بالتشبيه ولا إياه وحد من اكتنهه ولا حقيقته أصاب

Halaman 398