373

فقال أبو إبراهيم عليه السلام إن هذه لغة في قريش إذا أراد رجل منهم أن يقول قد سمعت يقول قد تدليت وإنما التدلي الفهم

وعن داود بن قبيصة (1) قال سمعت الرضا عليه السلام يقول سئل أبي عليه السلام هل منع الله عما أمر به وهل نهى عما أراد وهل أعان على ما لم يرد؟

فقال عليه السلام أما ما سألت هل منع الله عما أمر به فلا يجوز ذلك ولو جاز ذلك لكان قد منع إبليس عن السجود لآدم ولو منع إبليس لعذره ولم يلعنه .

وأما ما سألت هل نهى عما أراد فلا يجوز ذلك ولو جاز ذلك لكان حيث نهى آدم عن أكل الشجرة أراد منه أكلها ولو أراد منه أكلها لما نادى عليه صبيان الكتاتيب ( وعصى آدم ربه فغوى ) والله تعالى لا يجوز عليه أن يأمر بشيء ويريد غيره.

وأما ما سألت عنه من قولك هل أعان على ما لم يرد ولا يجوز ذلك وجل الله تعالى عن أن يعين على قتل الأنبياء وتكذيبهم وقتل الحسين بن علي عليه السلام والفضلاء من ولده وكيف يعين على ما لم يرد وقد أعد جهنم لمخالفيه ولعنهم على تكذيبهم لطاعته وارتكابهم لمخالفته ولو جاز أن يعين على ما لم يرد لكان أعان فرعون على كفره وادعائه أنه رب العالمين أفترى أراد الله من فرعون أن يدعي الربوبية يستتاب قائل هذا القول فإن تاب من كذبه على الله وإلا ضربت عنقه

وروي عن الحسن بن علي بن محمد العسكري عليه السلام أن أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال :

إن الله خلق الخلق فعلم ما هم إليه صائرون فأمرهم ونهاهم فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى الأخذ به وما نهاهم عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه ولا يكونون آخذين ولا تاركين إلا بإذنه وما جبر الله أحدا من خلقه على معصيته بل اختبرهم بالبلوى وكما قال ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) (2)

قوله ولا يكونون آخذين ولا تاركين إلا بإذنه أي بتخليته وعلمه

وروي : أنه دخل أبو حنيفة المدينة ومعه عبد الله بن مسلم فقال له :

يا أبا حنيفة إن هاهنا جعفر بن محمد من علماء آل محمد فاذهب بنا إليه نقتبس منه علما فلما أتيا إذا هما بجماعة من علماء شيعته ينتظرون خروجه أو دخولهم عليه فبينما هم كذلك إذ خرج غلام حدث فقام الناس هيبة له فالتفت أبو حنيفة فقال :

Halaman 387