165

المغلوب ولا لك ظفر الظافر فإنك لذاهب في التيه رواغ عن القصد (1) ألا ترى غير مخبر لك لكن بنعمة الله أحدث أن قوما استشهدوا في سبيل الله من المهاجرين ولكل فضل حتى إذا استشهد شهيدنا قيل سيد الشهداء وخصه رسول الله بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه (2) أولا ترى أن قوما قطعت أيديهم في سبيل الله ولكل فضل حتى إذا فعل بواحدنا كما فعل بواحدهم قيل الطيار في الجنة وذو الجناحين (3) ولو لا ما نهى الله عن تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمة تعرفها قلوب المؤمنين ولا تمجها آذان السامعين فدع عنك من مالت به الرمية (4) فإنا صنائع ربنا والناس بعد صنائع لنا (5) لم يمنعنا قديم عزنا ولا عادي طولنا (6) على قومك أن خلطناكم بأنفسنا فنكحنا وأنكحنا فعل الأكفاء ولستم هناك وأنى يكون ذلك كذلك ومنا النبي ومنكم المكذب (7) ومنا أسد الله ومنكم أسد الأحلاف (8) ومنا سيدا شباب أهل الجنة ومنكم صبية النار (9) ومنا خير نساء العالمين ومنكم حمالة الحطب (10) في كثير

قوله ( عليه السلام ): « فأنا صنايع ربنا » هذا كلام مشتمل على أسرار عجيبة من غرائب شأنهم التي تعجز عنها العقول ، ولنتكلم على ما يمكننا اظهاره والخوض فيه فنقول.

صنيعة الملك : من يصطنعه ويرفع قدره ، ومنه قوله تعالى : ( واصطنعتك لنفسي ) أي : اخترتك واخذتك صنيعتي ، لتتصرف عن ارادتي ومحبتي.

فالمعنى : انه ليس لأحد من البشر علينا نعمة ، بل الله تعالى أنعم علينا ، فليس بيننا وبينه واسطة ، والناس بأسرهم صنائعنا فنحن الوسائط بينهم وبين الله سبحانه.

ويحتمل أن يريد بالناس بعض الناس أي المختار من الناس ، نصطنعه ونرفع قدره

وفي ج 3 من النهج لابن أبي الحديد ص 451 قال :

هذا كلام عظيم عال على الكلام ، ومعناه عال على المعاني ، وصنيعة الملك من يصطنعه الملك ويرفع قدره ، يقول : ليس لأحد من البشر علينا نعمة بل الله تعالى هو الذي أنعم علينا ، فليس بيننا وبينه واسطة ، والناس بأسرهم صنائعنا فنحن الواسطة بينهم وبين الله تعالى ، وهذا مقام جليل ، ظاهره ما سمعت وباطنه أنهم عبيد الله ، وان الناس عبيدهم.

وقال محمد عبده في ص 36 من ج 3 من نهج البلاغة :

آل النبي : أسراء إحسان الله عليهم والناس أسراء فضلهم بعد ذلك.

Halaman 177