277

Ihkam Fi Tamyiz Fatawa

الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام

Penerbit

دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

الحصون، فلَمُسْلِمٌ أستبقيه أحَبُّ إليَّ من حِضنِ أفتَحُه. (ومَضَى إن لم يُبطله) الإِمامُ أي قولَه: من قَتَل ... (قبلَ حَوْز المغنم) بأن لم يُبطله أصلًا، أو أبطله بعده. فإن أبطله قبله أي أظهر الرجوع عنه قبله اعتُبِر إبطالُه فيما يُقتل بعده، لا فيما قُتِلَ قبله، ولا يعتبر إبطاله بعده، فيستحق من فَعَل شيئًا من الأسباب ما رتبه عليه الإِمام ولو كان من أصل الغنيمة حيث نَصَّ عليه، فإنْ نَصَّ على أنه من الخمس أو أطلق فمنه". انتهى.
هذا، وبقي شيء يتصل بالمقام يَحسن التنبيه إليه، وهو أنه لمَّا جاء في "صحيح مسلم" بشرح الإِمام النووي ٥٨:١٢، عند حديث أبي قتادة ﵁ في وقعة حُنين، وقولِهِ: " ... ثم إنَ الناس رجعوا وجَلَس رسول الله ﷺ فقال: من قتَل قتيلًا فله سَلَبُه".
قال الإمام النووي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: "اختلف العلماء في معنى الحديث، فقال الشافعي ومالكٌ والأوزاعي .. يَستحق القاتلُ سَلَبَ القتيل في جميع الحروب، سواء قال أميرُ الجيش قبل ذلك: من قَتَل قتيلًا فله سلبه، أم لم يقل ذلك. وهذه فتوى من النبي ﷺ وإخبارٌ عن حكم الشرع، فلا يتوقف على قول أحد.
وقال أبو حنيفة ومالكٌ ومن تابعهما - رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى -: لا يَستحق القاتلُ بمجرَّدِ القتل سَلَبَ القتيل، بل هو لجميع الغانمين كسائر الغنيمة، إِلَّا أن يقول الأميرُ قبلَ القتال: من قَتَل قتيلًا فله سَلَبُه، وحملوا الحديث على هذا، وجعلوا هذا إطلاقًا من النبي ﷺ، وليس بفتوى وإخبار عام". انتهى كلام الإمام النووي.
وفيه إقحامُ (مالك) في الرأي الأول خطأً من الناسخ، إذ قد جاء ذِكرُهُ في الرأي الثاني أيضًا مع أبي حنيفة، وإن كان ذِكْرُهُ في الرأي الثاني فيه نظر أيضًا، لأن مالكًا يمنعُ التنفيلَ قبلَ القتال أو يكرهه كما تقدم نقله عن "جواهر الإِكليل" في ص ٢٧٧.
وقد أجاد الإِمام ابن قدامة الحنبلي عَزْوَ مذاهب الأئمهّ الفقهاء في هذه المسألة، فقال في كتابه "المغني" ١٠: ٤٢٦: "الفصل السادس: أن القاتل يَستحقُّ السَّلَب، قال ذلك الإِمامُ أو لم يقُل، وبه قال الأوزاعي والليث والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور.

1 / 278