252

Ihkam Fi Tamyiz Fatawa

الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام

Penerbit

دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

التَّنْبِيهُ الْعَاشِرُ
ينبغي للمفتي: أن يكون حسَنَ الزِّيّ على الوضع الشرعي، فإِنَّ الخَلْقَ مجبولون على تعظيم الصُّوَر الظاهرة، ومتى لم يَعظُم في نفوس الناس لا يقبِلون على الإهتداء به والإقتداء بقوله.
وأن يكون حسَنَ السيرَةِ والسَّريرة، فمن أسَرَّ سريرةً كساهُ الله رِداءها. ويقصِدُ بجميع ذلك التوسُّلَ إِلى تنفيذِ الحق وهدايةِ الخلق، فتصِيرُ هذه الأمور كلُها قُرُباتِ عظيمة. وإليه الإِشارةُ بقوله تعالى حكايةً عن إِبراهيم ﵇: ﴿وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾ (١). قال العلماء: معناه ثناءٌ جميلٌ حتى يقتدِيَ بي الناس. وكذلك قولُ عمر ﵁: أحَبُّ إِليَّ أن أنظرَ القارئَ أبيضَ الثياب. أي لِيعْظُمَ في نفوس الناس، فيَغظُمَ في نفوسهم ما لديه من الحق (٢).

(١) من سورة الشعراء، الآية ٨٤.
(٢) وقال العلامة القاضي المالكي أبو عبد الله محمد بن عيسى بن محمد بن أصبغ الأزدي القرطبي الشهير بابن المُنَاصِف المتوفى سنة ٦٢٥ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في كتابه "تنبيه الحكام على مآخذ الأحكام" وهو يتحدَّثُ عما يَلزمُ القاضيَ في خاصة نفسه: "اعلم أنه يجبُ على من تولى القضاء أن يُعالج نَفْسَه، ويجتهدَ في صلاح حاله، ويكونَ ذلك من أهمّ ما يجعلُه من باله، فيَحمل نفسه على أدبِ الشرع، وحفظِ المروءة، وعلوِّ الهمَّة، ويَتوقَّى ما يَشينُه في دينه ومُروءَتِه وعقلِه، ويَحُطُّه عن منصبه وهِمَّته، فإنه أهلٌ لأنَّ يُنظر إليه ويُقتدى به، وليس يَسَعُه في ذلك ما يَسعُ غيره، فالعيونُ إليه مصروفة، ونفوسُ الخاصَّة على الإقتداء بهَدْيه موقوفة. =

1 / 253