من جمعِ (التصرُّفاتِ) المفيدِ تنويعًا ما لا يفيده لفظُ (التصرُّفِ) بالإِفراد والمنسجِم مع الجمع في قولهِ: (في تمييز الفتاوى عن الأحكام)، والله أعلم.
وهكذا سَمَّاه الإمامُ أحمدُ بن يَحْيَى الوَنْشَرِيشيُّ في كتابه "المِعيار المُعْرِب" ١٢: ٦، فقال: " ... ذكره القرافي في كتاب الإِحكام، في تمييز الفتاوى عن الأحكام، وتصرُّفاتِ القاضي والإِمام"، ثم نَقَلَ منه السؤالَ الثَّاني والعشرين.
وقد عَبَّرَ المؤلفُ نفسُه في مقدمة الكتاب بلفظ (التصرُّفات) أكثَرَ من مرَّة، فقال: "وقد وقع بيني وبين الفضلاء مباحثُ في أمر الفَرْقِ بين تصرُّفاتِ الحُكَّام وتصرُّفاتِ الأئمة"، ثم قال في آخر المقدمة: "وأُنبِّهُ على غوامضِ تلك المواضع وفروعها في الأحكام والفتاوى وتصرُّفاتِ الأئمة". انتهى فهذا منه يَدْعَمُ إثباتَ لفظِ (وتصرُّفاتِ الِإمام) بالجمع بَدَلَ (وتصرُّفِ ...). والله أعلم.
ثم إنَّ تسمية هذا الكتاب وإن طالت، ليست من باب الإطالة المعهودة في بعض كتب ساداتنا المالكية والمغاربة، بل كل لفظِ فيها له دلالة مستقلة لا يغني عنها سواه وذلك مستحسنٌ منه لإفادته (١).
أما تاريخُ تأليف الكتاب فلم يُذكَر في النسخ المخطوطة التي وقفت عليها، ولكنَّ الجزم قائم بأنه ألَّفه قبل كتابه "الفروق"، فقد ذكره في مواضع منه وسمَّاه كتابًا وأثنى عليه ثناء كريمًا. فقال في ١: ٣ "وتقدَّمَ لي قبل هذا - أي قبلَ كتابِ
_________
(١) وإليك عناوين بعض الكتب التي طالت فيها الأسماء حتى لا يمكن استظهارُها كاملةَ: فللِإمام الوَنْشَرِيشي التِّلِمْسَاني أحمد بن يَحْيَى، المولود سنة ٨٣٤، والمتوفى سنة ٩١٤ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - كتابُ: "المَنْهَجُ الفائق، والمَنْهَلُ الرائق، والمَعْنَى اللائق، بأدَبِ المُوَثِّق وأحكام الوَثَائق"، وللحافظ الكَلاَعي سليمان بن موسى الأندلسي المتوفى سنة ٦٣٤ "مَيْدَانُ السابقين، وحَلْبَةُ الصادقين المصدَّقين، في ذكر الصحابة الأكرمين، ومن في عِدادِهم بإدراك العهد الكريم، من أكابر التّابعين"، و"مُفاوَضَةُ القلب العليل، ومُنَابَذَةُ الأمَل الطَّويل، على طريقة أبي العلاء المَعَرِّي في مَلْقَى السبيل"، وقد حُرِّفَ اسمُ هذين الكتابين تحريفًا فاحشًا في "الاكتفا في مَغازي المصطفى" ص (ط)، بتحقيق الأستاذ مصطفى عبد الواحد وفي "الديباج المُذْهَب" ١: ٣٨٦ بتحقيق الدكتور محمد الأحمدي.
1 / 18